كلام بالقيراط رئيس بالمزاد

كلام بالقيراط رئيس بالمزاد
حسن النواب في وطن يقف على شفير هاوية بهذه الظروف العويصة والشائكة ، يمكن لك ان تتوقع كل شيء من المصائب والأزمات والصراعات والسيئات والنوائب والفجائع ، بالوقت الذي نرى الساسة تتدافع بالمناكب على المناصب الرئاسية ، ولقد سمعنا من قبل ان المناصب الأدارية والعسكرية الدسمة والسمينة تخضع الى المزاد من قبل الكتل السياسية والجهات المتنفذة ، كما ان السيطرات العسكرية تُعرض هي الأخرى بمزاد اشبه بالعلني ، فالسيطرة التي على بوابة بغداد من الجهة الشرقية بسعر يختلف عن السيطرة في الجهة الغربية ، ويزداد سعر السيطرة كلما ابتعدت عن المناطق الساخنة وكانت قريبة من حركة الناس المدنيين والأحياء السكنية التي تتمتع بثراء ووجاهة تجارية ، بغية الحصول على الرشى والأتاوة منهم وفق مزاج وجشع المسؤول على تلك السيطرة ، اما المناصب الأدارية والعسكرية فيعتمد سعرها على نوع الخدمة التي يقدمها ذلك المسؤول الأداري ، فمديرٌ في دائرة الضريبة يصبح سعره اكثر من مدير في دائرة المجاري ، وقائد عسكري في معسكر تدريب اكثر سعرا من قائد في وحدة عسكرية فعالة على تماس مع الأرهابيين ، ومفتش كمارك عند بوابة طربيل اكثر ثمنا من آخر على بوابة صفوان ، واذكر في زمن النظام السابق ان المزاد بلغ اوجّه على مناصب التعيين في دائرة التجنيد مقابل رشى يسيل اليها اللعاب ، ذلك ان تسريح جندي بطرق غير شرعية كان يعادل ملايين الدنانير في ذلك الوقت من الحصار القاسي ، ناهيك عن المزاد بأمور اخرى لا مجال لذكرها الآن ، ويبدو ان عدوى المزاد على المناصب الأدارية والعسكرية انتقل الى المناصب الرئاسية ايضا ، ولا يقل لي احدكم ماذا تقول يارجل .. اتق الله ؟؟ ذلك ان الشعب العراقي رأى بأم عينيه الدامعتين من البلاء الذي حلّ في تكريت والموصل والرمادي ، كيف ان عدد المرشحين الى منصب رئيس الجمهورية تجاوز المئة مرشح ، وهذا الأمر يحدث لأول مرة في تأريخ الأنتخابات الرئاسية على مستوى دول العالم قاطبة ، فلم نسمع ان انتخابات رئاسية في دولة ما حتى لو كانت قد سبقتنا بمئات السنوات الديمقراطية ، ان الذين ترشحوا لرئاسة الجمهورية فيها قد تجاوز العشرة اشخاص ، ولكن في وطننا الديمقراطي تجاوز عدد المرشحين جميع التوقعات لدى الخبراء والمحللين السياسين بما فيهم الرجل القانوني الحصيف واللطيف طارق حرب الذي ظل صافنا امام هذا الحشد من المرشّحين الذين تنافسوا على منصب الرئيس ، واذا كان المسؤول الرفيع قد اشاد بهذه الخطوة الديمقراطية بالتنافس على كرسي الرئيس ، فأن الذي يعرفه هذا المسؤول الرفيع قبل غيره ان هذا المنصب الرئاسي لا يمكن ان يكون الا من حصة اخوتنا الكرد ، وان هذا التنافس الكارتوني سخر منه الأهل والأصدقاء قبل الأعداء ، ومثلما يقول الأخوة في مصر الكتاب باين من عنوانه بمعنى واضح من بدايته فلماذا هذا التضييع بالوقت واوراق الأقتراع وجلب سبورة الأنتخاب والمناداة على الأسماء ، والنتيجة معروفة سلفاً ، ذلك اننا ننتذكر جميعاً ان الأقتراع على المناصب الرئاسية قد حُسم امره بمزاد علني حدث في مجلس الحكم قبل سنوات ، وان هذا المزاد على المناصب الرئاسية سيبقى يلاحق العراقيين مثل لعنة الفراعنة ، ولا يمكن الخلاص منه الا بإسدال الستار على تلك الأتفاقيات المشبوهة التي حدثت بين كتل سياسية كانت ومازالت نقمة على العباد والبلاد ، وسيبقى المزاد على المناصب بكل مفاصل الدولة منتعشاً مادام الرقيب على ذلك هو الدلاّل الأمريكي او الأيراني او سواهما ، واقول مبتهلاً بالدعاء ، ما احوجنا الى ابي تراب الذي احبه الفقراء وكرهه الأثرياء ، وعشقه الأحرار وتمنى مقتله الطغاة ، والسيف الذي ادهش الشجعان وارعب الجبناء ، اجل ما احوجنا الى منقذ من هذه الفوضى ، فالوطن اصبح خوذة مخضبة بالدماء ومثقوبة من جميع الجهات ، ومزاد الساسة مازال مستمرا بالضحك على الناس .
Azzaman Arabic Daily Newspaper Vo1/17. UK. Is 4871 Monday 4/8/2014
الزمان السنة السابعة عشرة العدد 4871 الاثنين 8 من شوال 35 هـ 4 من آب يوليو 2014م
AZP20

مشاركة