كـتـب الشـكر والتـقـديـر – مقالات – مـؤيـد الصالحي
أوضح لي احد الزملاء كيف انه يشعر بالاستياء ويصاب بالإحباط في أدائه الوظيفي، حينما يطرق سمعه إن بعض الموظفين يحصلون على (كتب شكر وتـقـدير) عرفانا بالجميل ، هـذا إذا كانت تلك (الكتب) من دون أدنى استحقاق يذكر، حيث تتزين بها ملفاتهم الشخصية، ويترتب عليها من مكاسب وامتيازات نسبية ، في حين إن المجـد المبدع في عمله والمخلص والمثابر في فعله اليومي لا ينتبه إليه احـد قـط ، إنها مفارقة غـريبة تحصل يوميا تقريبا على ارض الواقع المؤسساتي المتناقض تبعث على الضجر والحزن ، و سـرعان ما وجدت نفسي أشاطر زميلي الرأي و أتعاطف كثيرا معه ، لأني أرى بأم عيني اختلال الموازين ، يشهد الله جل في علاه لا انطلق أنا أو زميلي من باب الغيرة وحسد الآخرين إطلاقا .
عليه فان قـيام هـذا المسؤول و ذاك بمبادرة إصدار كتب شكر و تـقـدير، أو منح مكافآت مادية أو مالية للموظفين ، مسالة ينبغي أن تكون فيها وعي حـقيـقي ، تـرتكز على مبدأ الاستحقاق الـفعـلي الذي تمليه المصلحة العامة ، فيصبح من المناسب والضروري الـوقـوف مليا وعـن كثب على حيثيات كل حالة ، من خلال التفريق بين الموظف الكفوء المشهود له بالكفاءة والنجاح والنزاهة في عمله ، وبين الموظف غير المجـد، وتوخي الـدقة والموضوعية في أمور كهذه بعيدا عن العلاقات الشخصية و المحسوبية والمنسوبية السائدة في أيامنا هـذه ، لأنها جزء من آفة الفساد الإداري وغياب الضمير ، لذلك يتوجب على المسؤول أن يكون ذا بصيرة حادة ونافـذة وهـو يتابع كل شيء حوله بوضوح تام ، و يـرنـو باتجاهات متساوية ومستويات واحدة تشمل جميع الموظفين ، بلا أدنى تمييز بين احـد ، وبذلك سوف يكون هـذا المسؤول حتما موضع تـقـدير و احترام الآخرين ، ويكتسب أولا: المصداقية في عـمله. وثانيا: يحصل على ثـقـة رضا الجميع رؤوساء و مرؤوسين، وثالثا: يسعى وباندفاع نحو الاداء الأفضل بـزخم متصاعد أعلى من المعدل .
ومعلوم لدينا إن الموظف لا يكافئ حينما يقـوم بعمله التقليدي المعتاد ، لان عمله يقع في صميم الواجب المناط به أصلا ، إلا إذا كان هناك جهود استثنائية تـتعلق بطرح أفكار جديدة بناءة غير مطروقة ، و يحمل تصورات حيوية تكون إضافة نوعية توصيفية فاعـلة تخدم آليات وبرامج الحاضر والمستقبل ، انطلاقا من الحرص على التحول والتغيير نحو الأنسب والأحسن ، لاسيما إذا كان الموظف رائدا في طرح رؤية صميمية جادة تشمل تحسينات الأداء النوعي والكمي من ابتكارات واختراعات ، لا يبغي من ورائها سـوى رفع سقوف و مديات الإنتاج بالانحياز المطلق للاختصاص القطاعي الـذي هـو جزء منه ، بحجم وعمق المسؤولية الملقاة على عاتقه ، بعيدا عن الأغراض الشخصية الضيقة والنوايا الـذاتية .
وقـد لا أضيف شيئا جديدا، إذا قلت إن (كتب الشكر والتقدير) تعد بمثابة التزكية والتأهيل للترقـية إلى ودرجة أعلى مشروعة يحصل عليها الموظف الـذي يبـذل جهودا إضافية متميزة مضنية غـير اعتيادية خارج حدود المألوف من القول والفعل ، ويصبح دور المكافأة التحفيز والتشجيع وتعزيز القدرات و رفع المعنويات بما يوصل إلى تراكم فـرص العطاء المثمر والخلاق و الإبداع المتطور .
هـذا وتتسابق إليه كبريات المؤسسات والشركات الإنتاجية العالمية، في إطار السعي المتواصل لاحتضان الطاقات وجذب العـقـول واستثمار الأفكار وتتبنى المهارات الحيوية، في مجالاتها المختلفة ونطاق عملها على نحو تنافسي يخضع لمقاييس ومعايير محددة سلفا للجـودة ، وهـذا الأمر نفتقره كثيرا في مؤسساتنا بقطاعاتها المتعددة .