كركوك وعمليات دجلة

كركوك وعمليات دجلة
تفكيك الأزمة أم ترحيل الأزمات؟
القاضي عبدالستار رمضان
مرة أخرى تعود كركوك وتحتل المركز الاول في تطورات الاوضاع في العراق التي كانت وستبقى مرهونة ومهددة مالم يتم حل قضية كركوك، التي لم تعد تمثل مدينة او منطقة جغرافية محددة بل امتدت وشملت عشرات المدن والمناطق التي لحقها التغيير الديموغرافي والعرقي والتي صرفت اموال وخصصت ميزانيات وعلى مدى عقود من اجل تغيير هويتها، وهي ما اطلق عليها الدستور تسمية المناطق المتنازع عليها ، رغم ان الاولى والاصح لو تم تسميتها بالمناطق المستقطعة من مناطقها الاصلية عند كتابة الدستور عام 2005.
هذه المناطق وخصوصا كركوك وسنجار وخانقين وزُمَار تُشكل الازمة الاكبر والاشمل لكل مشكلات وازمات العراق الماضية والحالية والمستقبلية، والتي غالباً مايتم الخروج او الخلاص من كل ازمة من خلال التهدئة والتفاهمات الوقتية من دون الدخول الى اصل المشكلة وحلها حلاً جذرياً يُعيد الحق الى اصحابه ونصابه.
الازمة الحالية هدأت بعد اشتعالها أثر قيام حكومة المالكي بتشكيل ما يسمى بعمليات دجلة والذي ذكَرنا بايام النظام السابق وقواطع العمليات التي لم تقدم للعراق والعراقيين وبعد عشرات من سنوات الحروب والصراعات سوى ملايين الضحايا والجرحى والمعوقين والارامل واليتامى ومشكلات لها أول وليس لها آخر، وفي كل مرة كان الحكام في بغداد رغم اختلاف اسمائهم وانتمائاتهم وهوياتهم يتفقون ويوقعون الاتفاقات مع الكورد، وحالما تستقر اوضاعهم ويشعرن بالقوة وتثبيت اركانهم يتراجعون عن الاتفاقات الموقعة والعهود المعقودة مع الكورد وكأن التاريخ مع الاسف يعيد نفسه باصرارهم على تسليح الجيش وغرف العمليات والاستعراضات وخطابات التحريض ضد الكورد.
ان حقيقة وجوهر الازمة الحالية لم يتم حله، بل تم تجاوزها او تفكيكها كما يتردد في وسائل الاعلام وتصريحات السياسين، وهناك فرق كبير بين الحل وتفكيك الازمات، فعندما يعجز اطراف اي مشكلة او نزاع عن الوصول الى حل مقبول وممكن التطبيق يتم اللجوء الى التأجيل وتفكيك نقاط التماس والاشتباك الممكنة، اي عدم اتخاذ اجراءات وقرارات حقيقية لحل الازمة.
ان حل قضية كركوك التي هي عنوان لكل المناطق المستقطعة من كوردستان والتي وصفها الدستوربــ المناطق المتتنازع عليها موجود ومقرر في نص المادة 140 الذي يتطلب انجاز ثلاث مهام هي التطبيع والاحصاء وتنتهي باجراء استفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد ارادة مواطنيها في مدة اقصاها 31 من شهر كانون الاول سنة 2005 ونحن الآن في نهاية عام 2012 اي بعد خمس سنوات من التأجيل والتسويف وايجاد المبررات والحجج غير المقبولة تم افراغ هذه المادة من محتواها ومضمونها وتحولت الى مجرد تعويضات وصكوك تعويض.
المحاولات والرهانات
الارادة الكوردية الواحدة والصوت والقرار الكوردي الواحد الذي افرزته الازمة الاخيرة والتي اظهرت للعالم قوة الكورد عندما يكونوا صوتاً وارادة واحدة تؤكد فشل المحاولات والرهانات على تفكيك واحداث النزاع والخلل في البيت الكوردي، فقد اصطف الجميع الشعب والحكومة والمعارضة في رفض دخول قوات دجلة الى كركوك والتهديدات واستعمال القوة من حكومة المالكي التي ارادت ان تختبر القوة والارادة الكوردية الى جانب استخدامها كتغطية سياسية وصرف نظر الشارع العراقي عنها والتستر على فضائح الفساد في ملفات البنك المركزي والبطاقة التموينية وصفقة السلاح الروسية والموقف المخجل من ثورة الشعب السوري، الى جانب استخدامها دعاية انتخابية يمكن ان تؤدي الى تزايد شعبية المالكي في كركوك والمناطق المتنازع عليها.
صراع الارادات وتغير ميزان القوى والتكتلات في العراق يجب ان لا يكون ابدا سببا في التراجع او المماطلة في تنفيذ احكام الدستور كلا وكاملا لا يتجزأ وهو ما لا يمكن ضمانه الا من خلال الموقف والصوت والقرار الكوردي الواحد المطلوب في
1ــ اعلان الاحزاب والقوى الكوردستانية في انها ستخوض الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات القادمة بقائمة واحدة والذي عكس وحدة الصف وقوة اركان البيت الكوردي.
2ــ أعلان إقليم كوردستان عن تشكيل لجنة مؤلفة من خبراء ومختصين لـدعم كتلة التحالف الكوردستاني في بغداد، بعد الاجتماع الخاص الذي عقده رئيس حكومة إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني في اربيل مساء الخميس 7»12 وأنها ستكون استشارية وستتألف من خبراء ومختصين في المسائل الدستورية والقانونية والمالية والإحصاء.
3ــ لابد من خطوات عملية واجراءات واضحة في محاربة الفساد والمفسدين، فشعب كوردستان طيب ويستحق ان تقدم له الحكومة كل شيء، والهم الاول والاخير للمواطنين هو الفساد وهونقطة الخلاف والاختلاف مع قوى المعارضة في الاقليم.
4ــ تقديم حلول سريعة واجراءات محددة في ملفات الخدمات وتوفير السكن للموظفين وذوي الدخل المحدود وتحسين الاوضاع في المدارس والمستشفيات الحكومية واصلاح الطرق وتوفير النقل العام الذي يمكن ان يقلل من الازدحام وحوادث المرور ومراقبة ومحاسبة القطاع الخاص الذي كاد ان يسيطر على كل ماله علاقة بحياة ومستقبل الناس.
5ــ دعم القضاء وسيادة القانون وانه لا احد فوق القانون، وتشريع قانون الادعاء العام كي يأخذ قضاة الادعاء العام دورهم ومكانتهم التي قررها الدستورفي سبيل انفاذ سلطة وسيادة القانون والشرعية القانونية والدستورية لحقوق الافراد وصولا الى دعم وصيانة حقوق الاقليم في دستور العراق الاتحادي الفيدرالي.
AZP07

مشاركة