كتابة دستور جديد مطلب جماهيري

كتابة دستور جديد مطلب جماهيري

 ابراهيم الراجحي

يعد الدستور ، القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة  ولنظام الحكم  سواء أكان ذلك الحكم ملكياً أم جمهورياً وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وهو الذي ينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة ، والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.

ويشمل الدستور السلطات الثلاث ((السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية)) وتلتزم به كل القوانين الأدنى مرتبة في الهرم التشريعي ، فالقانون يجب أن يكون متوخياً للقواعد الدستورية وكذلك اللوائح يجب أن تلتزم بالقانون الأعلى منها مرتبة إذا ما كان القانون نفسه متوخياً القواعد الدستورية. وفي عبارة واحدة تكون القوانين واللوائح غير شرعية إذا خالفت قاعدة دستورية واردة في الوثيقة الدستورية.

وفي المبادئ العامة للقانون الدستوري يعرف الدستور على أنه مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها بدون التدخل في المعتقدات الدينية أو الفكرية، وهو موجز الإطارات التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف الأمور المرتبطة بالشؤون الداخلية والخارجية. وتقسم الدساتير من حيث تدوينها أو عدم تدوينها إلى دساتير مدونة وغير مدونة، ومن حيث طريقة تعديلها ، والدستور المدون هو الذي تكون غالبية قواعده مكتوبة في وثيقة أو عدة وثائق رسمية صدرت من المشرع الدستوري.

والدستور غير المدون هو عبارة عن قواعد عرفية استمر العمل بها لسنوات طويلة حتى أصبحت بمثابة القانون الملزم ويسمى أحيانا الدستور العرفي، نظرا لأن العرف يعد المصدر الرئيسي لقواعده، ويعتبر الدستور الإنكليزي المثال الأبرز على الدساتير غير المدونة لأنه يأخذ غالبية أحكامه من العرف، وبعضها من القضاء، وان وجدت بعض الأحكام الدستورية المكتوبة مثل قانون سنة 1958 الذي سمح للنساء بأن يكن عضوات في مجلس اللوردات.

والدساتير المرنة هي التي يمكن تعديلها بنفس الإجراءات التي يتم بها تعديل القوانين العادية أي بواسطة السلطة التشريعية .

والدساتير الجامدة ، هي التي يستلزم تعديلها إجراءات أشد من تلك التي تم بها تعديل القوانين العادية، وهي التي تتطلب موافقة أغلبية مواطني  البلد ، بالإضافة إلى أغلبية الأصوات على المستوى الفيدرالي. وعندما يسمو الدستور يكون هو القانون الأعلى في الدولة لا يعلوه قانون آخر، وقد نصت عليه أغلب دساتير دول العالم الكبيرة والصغيرة ، الغنية والفقيرة .

وسمو الدستور يكون على جانبين أساسيين هما:

السمو الموضوعي: ونقصد به إن القانون الدستوري يتناول موضوعات تختلف عن موضوعات القوانين العادية.  ويترتب على السمو الموضوعي ان الدستور هو القانون الأساسي في الدولــــة وهو الذي يبين أهداف الدولة ويضع الإطار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وأن الدستور هو الجهة الوحيدة التي تنشئ السلطات الحاكمة وتحدد اختصاصاتها، وعلى هذه السلطات احترام الدستور لانه هو السند الشرعي لوجودها.

والسمو الشكلي: ونقصد به ان القانون الدستوري هو القانون الذي نتبع في وضعه وتعديله اجراءات معينة اشد من الاجراءات اللازمة لوضع وتعديل القوانين العادية. وهذا السمو موجود في الدساتير المكتوبة الجامدة فقط. ويترتب على السمو الشكلي وجود سلطتين:

1- سلطة مؤسِسة، وهي التي تؤسس وتضع الدستور.

 2- سلطة مؤسَسة، وهي التي تم إنشاؤها.

كما يضمن السمو الشكلي احترام الدستور وقواعده، وينظم الرقابة على دستورية القوانين.

واليوم وبعد ان مرت عشر سنوات على التغيير في العراق والخلافات تزداد هوة بين الفرقاء السياسيين،وفي اعتقادنا ان الاسباب  التي تكمن وراء كل ذلك هي دستور البلد الحالي الذي كان قد وضع على عجل وهو مليء بالألغام التي تسببت في احداث ما بعد التغيير من قتل وتهجير وتفجيرات واعمال ارهابية ، والسؤال الملح هو متى يتم تصحيح هذا الدستور .

نقول لكي لا تبقى الحال كما هي عليه من اختلافات في وجهات النظر بين السياسيين الذين يحكمون العراق منذ عام 2003 ولكي يعود العراق في مصاف الدول المتقدمة اقترح على السادة السياسيين المعنيين الذين يحكمون العراق اليوم وضع دستور جديد يتوافق مع المرحلة التي يمر بها العراق لان الاعمال الاجرامية والاحتلال ما بعد عام 2003 مزقا الجسد العراقي الواحد كما ان اقرار الدستور على عجالة في تلك الحقبة كان غير موفق وتضمنت بعض مواده وفقراته شوائب شائكة واخطاء اربكت الوضع العراقي الجديد. وها نحن اليوم بحاجة الى دستور جديد كي تستقر امور البلد ويعيش المواطن برفاهية وامل في المستقبل الواعد لابناء هذا الشعب وذلك

بالاعتماد على الاسس التالية في كتابته :-

1-         اختيار خمسة قضاة من مجلس القضاء الأعلى وعشرة اعضاء من هيئة الادعاء العام وخمسة اخرون من مجلس شورى الدولة بعينات عشوائية.

2-         اختيارعدد من تدريسيي مادة القانون الدستوري في الجامعات العراقية بحدود (20) تدريسياً.

3-         عينة عشوائية من نقابة المحامين العراقيين ، ونقترح ان يكون الترشيح مثلا برقم (2، 12، 22، 32) واذا كان العدد اكثر فان العينة تزداد وبنسبة تتلاءم مع سكان العراق حيث تكون مثلاً برقم (100، 200، 300، 400، 500) ما سينسب محامون بأعمار ومناطق واختصاصات مختلفة مع الأخذ في الحسبان مشاركة المرأة المحامية في ذلك.

4-         مدير عام الدائرة القانونية في كل وزارة.

5-         خمسة اعضاء من جميع النقابات المهنية فضلاً عن عضو مجلس محافظة من جميع المحافظات.

6-         ممثلون من الجهات الدولية.

على ان يتعهد كل من يشارك في كتابة الدستور بعدم الترشيح للانتخابات البرلمانية لدورتين متتاليتين.

عسى ولعل ان يعيش الشعب العراقي ببحبوحة من العيش الرغيد بعد طول العذاب الذي ذاقه خلال الخمسين سنة الماضية.

والله من وراء القصد.

مشاركة