كبار السن ودار العجزة – ماهر نصرت
…. أن أخبار القصص المحزنة التي نسمعها من الناس بين فترةٍ وأخرى بخصوص الآباء من كبار السن جعلتنا نحمل أقلامنا لنؤيد بحماس ، الرأي القائل بأن دور العجزة هي المكان الأفضل للحفاظ على كرامة هولاء العاجزون الذين لايمتلكون سكن يأويهم وقد رماهم القدر في بيوت أبنائهم ليعيشوا هناك وسط عوائل يختلف مزاج افرادها من واحد لآخر ، فقد يتقاذفهم الأبناء واحداً على الآخر تحت حجج وأعذار مختلفة في ظل ظروف معيشية صعبة للغاية وخاصة لدى العوائل الكادحة منها فقد صار من المستحيل لدى البعض على ما يبدو الاعتناء بالآباء والأقارب العاجزين عن الحركة الذين يقظون حاجاتهم على فراشهم بسبب ظروفهم المعيشية المعقدة وكذلك عدم مقدرة الجيل الحالي أيضاً من النساء اللواتي ينشغلن في أعمالهن الأسرية الواسعة ويقضيّن معظم أوقاتهّن في تربية أطفالهّن من القيام بتلك الواجبات المقرفة ، فليس بمقدورهن مدارات العاجز وخدمته مثل تبديل ملابسه وتنظيف مكانه صباحاً ومساءاً ، وهناك من تعتذر عن التعامل مع الوضع الصحي المضطرب للعاجز بسبب نفورها من الإفرازات العضوية الخاصة لديه واشمئزازها من روائحه وهذا أمر خارج عن نطاق سيطرتها النفسية ، أن دور العجزة في كل دول العالم هي مراكز للرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية ، يأوي إليها كبار السن بسعادة ورضى وإقبال كبير وخاصة في دول أوربا التي تتطبع شعوبها بصفات حضارية متقدمة حتى صارت تلك المراكز الصحية أشبه بنوادي للتـآلف والتعارف الاجتماعي ، ولا أدري لماذا ترفض مجتمعاتنا إدخال هولاء إلى تلك الدور وهم معززين مكرمين ويزورهم أقربائهم بين فترة وأخرى وبلاشك أن تلك الدور ستتساوى قيمتها الترفيهية إلى حد ٍ ما مع المقاهي الشعبية المنتشرة في محلاتنا … يعتنى بالعاجز هناك في اوربا موظفون مخلصون يؤدون واجباتهم الإنسانية على أكمل وجه بلا تقاعس أو استكبار … اما في بلدنا فالعاجز مضطهد بسبب عدم الاهتمام به من أفراد عائلته أولاً ومن دار العجزة ثانياً لتمرد الموظف الذي يشمئز من القيام بالأعمال الخدمية تجاههم وهذا أمر خارج عن إرادته بسبب تركيبة الموظف النفسية …. هذا بالإضافة الى وجود الكثير منهم من أصحاب الأنوف العالية الذين يعتبرون هذا العمل الخدمي انتقاص من شخصياتهم وكبريائهم أمام الناس ، وبلاشك أن السبب الأول في هذا التقصير يكمن في عدم اهتمام وزارة العمل بهذا الأمر ورفضها استيراد أطباء وعناصر من الصنف الصحي لهذا الواجب الرحيم من بعض الدول التي تحمل مجتمعاتها صفة الطابع الخدمي … ان سمعة دور العجزة سيئة للغاية في بلادنا لكونها ذات خدمات ورعاية رديئة ولاتمتلك الموظفين الذين يحملون رغبة الاهتمام بالمسنيين الى حدٍ كبير ولهذا نسمع بمرور السنين قصص حزينة عن معاناتهم ومأسآت معيشتهم ..
في الحقيقة هناك جزء قليل من الموظفين من الرجال والنساء الذين يحملون طابع الرحمة في نفوسهم ويعملون بإخلاص في خدماتهم التي يقدموها لهولاء العجزة فلايكفي عدد الموظفين المخلصين المتناقص من سد حاجة هذه المراكز الإنسانية ! فهل من حل ياترى للحفاظ على كرامة الرجل المسن وتخليصه من الذل الذي يعيش فيه داخل عائلة أبنه المتمردة التي لاتحترم كبير السن من جانب ، أو تخليصهم من إهمال دار العجزة على السواء بموظفيه المهملين من جانبٍ آخر ؟ أن هذه السطور بمثابة نداء موجه من خلال هذه الجريدة الشعبية الكبرى الى السادة الوزراء أصحاب الشأن ليضعوا الحلول الإنسانية المناسبة للقضاء بقدرِ الإمكان على معانات هولاء المنكوبين المعذبين الضعفاء…….. لنصبر ونرى .