كاتب يمتهن البطالة

 كاتب يمتهن البطالة

 مر الكثير من الوقت ومازال يمسك بقلمه دون جدوى فلم يكتب شيئآ بعد وفي رأسه عاصفة من الأفكار الخلاقة لا ترضى الخروج على الورقة العصماء وحينها تأخذه الأحلام بعيدآ حيث منصة وجماهير مؤلفة وأقدامه المثقلة بالتفاخر تسير مرتخية على سطح تلك المنصة الخشبية يود لو أن طريق المنصة يطول أكثر ليستمر صدى التصفيق يقرع في أذنيه كأجراس كنيسة تعلن عن حلول عام جديد… يقف منتصب القامة بين تلك الحشود وبين تلك الوجوه الكثيرة يبحث عن وجه واحد يقلب الوجوه أمامه بسرعة يتفقد الصفوف الأمامية أتراه يقف هناك في عتمة المقاعد الخلفية؟ لعله  سيبكي بعد أنهاء إلقاء هذه القصيدة؟ أسيقف ؟ أسيصفق لي؟ اسيتفاخر قائلآ هذا المتحدث ولدي؟! أبي ذلك الذي نبذني بعيدآ بتهمة الكلام! منذ أن اصبح الشعر بقاموسه عربدة!

وتسافر ذاكرتي مجددآ لتلك الجميلة التي كنت أطلق عليها لقب عصفورة قلبي لأتذكر وجهها يوم رحلت تاركة لي عبارة واحدة لتحرق بها منزل أحلامنا الذي أتضح لاحقآ أننا صنعناه من قش قالت “عزيزي الشعر لن يمنحنا سقفآ ، الشعر لن يطعمنا لحمآ ، الشعر لن يعالجنا أن مرضنا” وترحل لتتركني وحيدآ برفقة كراسي وبضعة أفكار…

أشفق على ذاتي كثيرآ فالشعر كان دافعهم لهجري كل من أحب هجروني لشعري، أبي رفضني بعد أن قرأ لي بعض الجمل الأباحية ، وعصفورتي تلك غادرتني فأنا لا أستطيع أطعامها فتات الشعر ونسق الكلمات…

لطالما خدعت نفسي كثيرآ بأن الحياة ليست بمادة ولكنني صدقآ كنت شاعرآ يمتهن البطالة ،أكتب للحب وللوطن وكلاهما يركلاني ككرة لا مرمى لها ، أنا طوع للحرف والقلم أنا أسير للكلمات ترغمني الحروف على أن اخط لها تفاصيل دقيقة حتى أصل لمرحلة الثمالة فأرتشف ماخط مداد قلمي وأنا اعلم أن كلماتي لن تجني من عالم الأرقام شيئاً…

أعود لواقعي حيث الورقة مازالت عذراء أنفض عن رأسي تلك الذكريات أعود لشعري فماله سواي ومالي سواه…

في كل ذكرى تطرأ علي أعاهد نفسي أن مداد القلم سيرسم اخر السطر نقطة ويستقيل، فتحاصرني جدران المنزل الخالي من كل شيء عدا رزمة ورق وهتافات أعجاب حبيسة جدران الأمنيات فأعود لمنفاي الوحيد ليحتويني كما يفعل دومآ…

زهراء خالد – بغداد

مشاركة