عين الزمان
قـلادة الزمان- عبد الزهرة الطالقاني
القلادة ، أو هكذا يحلو لي تسميتها، هي قلادة الزمان بلآلئها العشرين التي تزين جيدها.. فالعقد لغة .. أو العشرية، هو عشر سنوات، وقد بلغت “الزمان” عقدين وأشرفت على الثالث، اما إصطلاحاً فله معاني عدة ، وما يهمنا هنا معنيان لا ثالث لهما، هما الزمان والزينة، مع إختلاف الحركة الإعرابية في المفردتين اللغويتين، فالزمان بعقدها الثالث أصبحت أجمل، إنها في حساب الزمن لم تعد طفلة، فطفلات الصحافة تلك التي تبلغ من العمر عاماً أو عامين، أما عشرين عاما فأنها تجعل منها من أمهات الصحف، وليس يسيراً على صحيفة عراقية دولية أن تتبوأ هذه المكانة الرفيعة . فهي تصدر في خمس عواصم، وبطبعتين عربية وإنجليزية، وهذه إمكانات لا تتوفر في أي صحيفة عراقية أخرى . ومن سمع بالزمان غير الذي عرفها وسبر أغوارها وقرأها وشخص توجهاتها .. ومن ينظر إلى الأمور من الخارج غير الذي يغوص إلى أعماق الداخل ويلج بحر الكلمات والحروف .
ليس كثيراً على الزمان أن نسميها بـ”العقد الفريد” فهذا العنوان ينطبق تماماً مع محتوى “الزمان” وهو بمقارنته بمحتوى كتاب العقد الفريد لعبد ربه الأندلسي إنما وجود ملازمة ومطابقة، فإن كان ذاك عقد فريد زمانه .. فإن “الصحيفة” عقد فريد زمانها.
وهذا ليس إنتقاصاً من صحف ومؤسسات صحفية عراقية أخرى نفخر بها ونعتبرها شاهداً على عصر صحافة مزدهر، كتاب إبن عبد ربه يُعد من أمهات الكتب، والزمان من أمهات الصحف، وهو من أجمل كتب الأدب العربي، والزمان فيها ملفاً من “الألف إلى الياء” يضم مختارات من الفنون الأدبية تطل بها يومياً على قرائها .. وفي العقد الفريد جملة من الاخبار والأمثال والحكم والمواعظ والأشعار، وهذا كله موجود في الزمان فأين الإختلاف ؟..
وحسب علمي فأن صحيفة الزمان هي الصحيفة العراقية الوحيدة التي ليس فيها مرتجع، مع أن ما يطبع منه يومياً بلغ الـ (5 آلاف) نسخة، وهذه ظاهرة مهمة لابد من الانتباه إليها عند دراسة الصحافة العراقية من قبل المختصين والباحثين وطلبة الدراسات العليا الذين يتناولون هذا الموضوع في رسائلهم وأطاريحهم العلمية .
جدير بنا أن نحيي صحيفة الزمان في عيدها الحادي والعشرين ونهنئ رئاسة التحرير وكل الكوادر التي عملت وما زالت تعمل من أجل إصدار العدد تلو العدد حتى قاربت اعدادها الستة آلاف .. كما نهنئ قراء الزمان .. فهم مكملون لقصة نجاحها فلولاهم لبقيت الصحيفة أدراج مكاتبها وخزانات بائعي الصحف .
ومبارك للصحافة العراقية المعاصرة وهي تحتفي بإحدى مؤسساتها الرائدة إذ تبلغ عقدها الثالث وهي في عز شبابها وعنفوانها .. فقد صدر العدد الاول من “الزمان” في زمن الممنوع وذلك في 10/4 /1997 بلندن. وتاريخ الصحافة لا يكتب بالصحف المفردة وعناوينها المتعددة، الحاضر منها والغائب، وأشباه الصحف، وصحف الاعلان، وصحف الإنتخابات ، بل بالمؤسسات الرائدة التي نشأت على فكرة واتبعت إستراتيجية وصنعت أسباب المَنَعَة والديمومة .
“الزمان” حتى في شكلها الفني تتميز عن بقية الصحف، فلها خارطتها الخاصة، ولها إطارها الذي عرفت به، وعرفها به قراؤها، ولها أسلوبها، ولها هيكليتها، وكذلك إطلالتها، ولها أراؤها وتصوراتها، وأبواب صفحاتها،واعمدتها فهي غنية شاملة، وموسوعة ملمة بفنون الصحافة في التصميم والاخراج، وإختيار الموضوعات والشكل والمضمون . وهي لا تحرص على أن يكون مضمونها جيداً فحسب، بل تسعى أيضاً الى أن تظهر أمام قارئها بثوبها الجميل المزركش بالبهجة والألوان، حتى ينظر إليها وهي بكامل بهائها وألقها، فلا يخطر بباله يوماً أنها شاخت عندما بلغت العشرين .
وهل تشيخ من أكملت العشرين؟..