قطرة سانت ليغو

قطرة سانت ليغو

في بحرٍ مترامٍ من الأزمات العراقية التي تعاقب موجها على مدى أربع عشرة سنة ، لم ينشغل الرأي العام العراقي الاّ بجزئية بسيطة وهي طريقة توزيع المقاعد وفق نظام سانت ليغو الذي تم تعديله ليلائم أذواق الأحزاب الكبيرة ويقلل الفرص إن لم ينسفها أمام الأحزاب الناشئة. . الجميع تعلّقت أبصارهم بنظام توزيع المقاعد وتناسوا الهم الأكبر.. مَن سيشغل هذه المقاعد؟

وفق نظرية حرف الأنظار أو تحويل المسار التي يبرع بها اللاعبون الكبار في الساحة السياسية ومعظمهم إسلامويون أنتجت تجربة إدارتهم للسلطة نتائج كارثية للعراق جعلت منه بلدا ممزقا متطاحنا ،تفكك نسيجه الإجتماعي وغاب عنه الأمن والأمان وتفشى فيه الفساد وتحكم به اللصوص وقطّاع الطرق ،وتردّى واقعه الثقافي وتراجع تعليمه وانحسر نشاطه الإقتصادي.

بكل ما تقدّم من مُعطيات يحاول المجَربون إشغال المقاعد ذاتها التي أفضت بالبلاد الى هاوية سحيقة ،وإعادة انتاج تجاربهم بأزياء جديدة ومسميات منمقة ،وفي ظلّ قتامة التجربة ينجح هؤلاء في حرف المسار الى الشكل (سانت ليغو.. نظام توزيع المقاعد) والتغاضي عن المضمون(الأسماء المُجربة التي ستشغل المقاعد) ، هذا الأسلوب يُحيلنا الى الطُرفة المعروفة ذات العِبرة الموصوفة التي أعقبت لقاء بوش – توني بلير عندما سأل أحد الصحفيين الرئيس الامريكي.. ما الذي تقرر عن اجتماعكما؟

فأجاب بوش :

“قررنا قتل عشرة ملايين مسلم وطبيب أسنان واحد”

فاندهش الصحفي من الجواب وأعاد السؤال للرئيس بوش:

ولماذا طبيب الأسنان ؟

وهنا التفت بوش الى توني بلير مازحًا:

ألم أقل لك أنّهم سينشغلون بأمر طبيب الأسنان ويتناسون العشرة ملايين مسلم ..

منتهى القول إن سانت ليغو جذب الأنتباه وشغل الرأي العام ومواقع التواصل والصحف والفضائيات ولم ينتبه الناس الى خدعة الوجوه السياسية القديمة التي تريد إعادة إنتاج نفسها من جديد رغم كل ماجرى..

إنّها القطرة التي غلبت بحرًا مترامي الأطراف.

مصطفى داود كاظم

مشاركة