قضية دستورية

قضية دستورية
صادف ان تعاقب على الحكم خلال مدة اجتماع مجلس الامة من 1/12/1945 ولغاية 31/ايار/1946 ثلاث وزارارت وتداولت الميزانية العامة ايدي ثلاثة وزراء مالية فعند بداية الاجتماع كانت في الحكم وزارة حمدي الباجه جي ولم تمض مدة حتى استقالت وخلفتها وزارة توفيق السويدي وتاخرت في تقديم الميزانية العامة ولم تعرضها على المجالس الا قبيل نهاية الاجتماع العادي بمدة وجيزة ثم استقالت في اخر يوم من ايام الاجتماع وهو 30/ايار/1946 من دون ان يتاح للمجلس فرصة لتدقيق الميزانية وتصديقها واعقبتها حكومة ارشد العمري التي اضطرت في اول يوم مجيئها الى دعوة مجلس الامة الى اجتماع فوق العادة للنظر في الميزانية المؤقتة لشهري حزيران وتموز 1946 وبعد ان صادق المجلس عليها فض الاجتماع قبل تصديق الميزانية العامة لان امر حل مجلس النواب واجراء انتخابات جديدة قبل او نهاية شهر تموز كان من الامور المقررة ولكن ظروفا طارئة حملت رئيس الوزراء على التريث في حل مجلس النواب ومن هنا نشأت مشكلة الوضع الغامض للميزانية وتولد اختلاف في الرأي في تفسير المادة 107 من القانون الاساسي التي جاء فيها (اذا دخلت السنة المالية الجديدة قبل صدور ميزانيتها فأن كان مجلس الامة مجتمعاً يصوت على الميزانية وان لم يكن المجلس مجتمعاً تراعى ميزانية السنة الماضية فمنهم من قال بهذا الرأي والبعض قد افتوا ان هذه المادة تسري احكامها في حال عدم اجتماع مجلس الامة بسبب حل مجلس النواب فقط احيل الموضوع الى المحكمة العليا المتشكلة برئاسة نوري السعيد رئيس مجلس الاعيان وقتها وعضوية كل من احمد الشيخ داود وصالح جبر وعبد القادر باش اعيان وحازم شمدين اغا اعضاء مجلس الاعيان وانطوان شماس وعبد الجبار التكرلي وابراهيم الشابندر ومصطفى الانكرلي وهؤلاء من كبار الحكام وقد اجتمعت المحكمة في 22/اب/1946 ونظرت في الموضوع وقررت الاكثرية ان نص (المادة 107 من القانون الاساسي صريح في لزوم مراعاة ميزانية السنة الماضية عندما لم يكن مجلس الامة مجتمعاً سواء كان عدم اجتماعه ناشئا عن تعطيله او لسبب حل مجلس النواب اذ في كلتا الحالتين (التعطيل والحل) لا يكون مجلس الامة مجتمعاً والنص مطلق وليس هناك دليل التقييد بحالة دون اخرى خالف هذا القرار كل من حازم شمدين وصالح جبر فاتبعت وزارة المالية قرار المحكمة العليا الصادر بالاكثرية الا ان المعارضة في البرلمان والصحف اتخذت من هذا التصرف رغم قانونيته ذريعة لتوجيه النقد الى الوزارة يذكر السياسي يوسف غنيمة في مذكراته فيقول نشرت جريدة صوت الاهالي مقالاً بعنوان وزارة العمري لم تتقيد باحكام الميزانية مما يستوجب مسؤوليتها فكاتب المقال اتهم الوزارة بانها لم تدع المجلس للنظر في الميزانية وصرفت بدون ميزانية وقد شكلت ديوان التفسير الخاص لتفسير المادة 107 من القانون الاساسي كما ادعى الكاتب بان وزارة العمري لم تكتف بهذه المخالفة بل علمنا انها لم تتقيد حتى بميزانية السنة السابقة، رد وزير المالية يوسف غنيمة على تلك الاتهامات قائلاً ان وزارة ارشد العمري شكلت المحكمة العليا وليس ديوان التفسير الخاص وان القرار الذي تصدره هذه المحكمة يعد قسماً من القانون وان وزارة العمري حريصة كل الحرص على اموال الدولة وراقبت الصرف وفق الدستور والقوانين المالية وقانون الميزانية وان السياسة المالية التي سارت عليها كانت مطمئنة ولهذا فهي ترحب بصدر واسع واطمئنان محاسبتها من اي فرد من افراد الامة.
خالد خلف داخل
AZPPPL

مشاركة