قصيدتان ـ علي أبو عراق

قصيدتان ـ علي أبو عراق
يتم
إلى محمود عبد الوهاب
لم أعرفْ للترابِ خصلةً حسنةً
قبلَ أن يحتويَكَ
ولم أدرِ أن الموتَ بارعُ الهزائم
حتى هوى على برودةِ أعضائِك
وعلى الرغم من كلِّ هذا
أنا على يقينٍ
أن رمالَ مقبرةِ الحسنِ البصريِّ
ستكونُ مبتهجةً لمقدمِكَ
بقدرِ هولِ أحزانِنا
فستُطلقُ يا محمودُ
بعدَ ليلتِكَ الأولى
وبعدَ أن تكفَّ عن الذهول
وتنتصرَ على الرهبةِ
كلَّ مرحِكَ وطرفِكَ
فتحوّلُ كثبانَها حديقةً
ووحشتَها أقواسَ قزحٍ
البصرةُ تنكبُّ على ليلِها
تنقبُ في أحشاءِ الأمسِ
لترتيبِ خساراتِها
فبعد أن أدارت لك ظهرَها
تبحثُ الآنَ
عن ومضةٍ شاردةٍ لك
وفي فمِها الأدردِ مرارةُ اليتمِ
أترقبُكَ منذُ الصباحِ الباكرِ
أصيخُ السمعَ لحجارتِكَ الصغيرةِ
التي تطرقُ زجاجَ مكتبي
كي أقودَكَ إلى كرسيِّكَ البنفسجيّ
لتمارسَ العشقَ مع النهار
دمشق الحرائق
كم كانت نبؤتك قاسية يا زكريا تامر …
ها هي حرائق دمشق تلتهم دمشق الحرائق ..
حكمتك الجائرة اربكت الموت
وجعلته يتعثر بخطاه
الارصفة لا تحظى بظل..
مواعيدك.. تنكرت لها الشرفات
وبعطر الغياب
غمسن مناديلهن صباياك
قلوبهن تنز هلعا
متيبس حنينها
الصلاة …القصائد..
وحتى بكاء الاطفال ..ثرثرة سوداء.
تحت عرائشك
رأيت نيرون يطارد اغانيه المضمخة بالرماد
و ياسمينك يتقيأ دما ..
كاليغولا ينتحب هلعا من هذا الجحيم
المخيم..
فوق الجسور والمروج
و البنايات المتداعية
المتباهية بحفلات سخامها
دمشق موقد شرر متطاير يشجره السواد.
.كلما هومت ناره
ايقظوها
أشباح بلحى
وأخرى بوجوه صقيلة
..كم كانت نبؤتك قاسية
ورهيبة يا زكريا
AZP09

مشاركة