قصص قصيرة جداً

قصص قصيرة جداً
نهار حسب الله
1ــ رياح التكنولوجيا
رياح الحداثة عصفت بعالمنا البسيط.. اقتلعت أوصاله من الجذور كنبتة صغيرة اشتهتها الريح..
مع امتداد العاصفة بدعم تكنولوجي اجتاح بيوتنا كلها، هرب المألوف من نفسه خوفاً من تحول غير مدروس، وهو الامر الذي غير موازين الاشياء كلها، وحطم صخور الحضارة على رؤوس المؤمنين بها، مما تسبب في تحويل ذاكرتنا العميقة الى ذاكرة ضبابية تتبخر كل خمس ثوان.. ذاكرة لا تختلف كثيراً عن ذاكرة الاسماك حتى لا تعود بنا الى قيم وعادات رجعية.
وبعد هذا الضجيج المدمر.. انجلت العاصفة، بعد ان جمدت دماءنا في عروقنا وحولت قلوبنا الى مدافن لاسماء عشاق كنا قد زرعناها في الصميم..
2ــ نور هناك.. موت هنا
غاب النور، بعد ان خاصم القمر سماء المدينة.. وإحساس الخوف لا يقاطعه اي احساس، وصافرات الانذار تنشر فوبيا الموت على مسامعنا، والعتمة مخلوق ضعيف.. يهاجم العزل الخائفين بسرعة تفوق الضوء..
وانا أرصد صمتاً كونياً عبر نافذتي المطلة على الشارع..
لمحت بصيص نور يغازل السماء، يظهر خافتاً تارة ويتوهج تارة أخرى.. يقترب، ويشتعل، وينطفئ على هواه..
بقيت متأملاً، مراقباً ولم اشعر بوجوده إلا وهو يمزق الحي وسكانه بالكامل.
3ــ حلول حكومية
احتشد الناس في بقعة واحدة كما لو انهم في يوم الحشر واللقاء الموعود مع الرب..
تجمعوا بانتظار وفد رفيع المستوى كان قد وعد سكان الحي بزيارة لحل مشكلاتهم.
كل من كان بالانتظار، كان يبتلع اطنانا ً من الهموم الثقيلة..
وفور وصول الوفد المنتظر.. انهالت عليهم الشكاوى والتوسلات، وتوزعت الطلبات مابين القضاء على الجوع والعطش والبطالة وامكانية صناعة الامل في هذا الحي المنهمك بالمآسي وظلت الطلبات تتلاحق إلى ان أشار مسؤول الوفد بيده مطالباً بالصمت الجماعي.. قائلا
ــ تمر بلادنا العزيزة في وضع استثنائي انتقالي، تتطلب منكم الصبر بعض الوقت..
من كان منكم جائعاً؛ عليه ان يأكل من حذائه، ومن احس بالعطش عليه ان يشرب من دموعه.. أما من بحث عن البسمة فلينظر الى نفسه ملياً.. ليجد نفسه في هيستريا الضحك اللامنتهي.
لا تتعاملوا مع اسيادكم بالجشع، ولا تطالبوا بغير الابقاء على انفاسكم، واحذروا من ان ترفعوا ايديكم إلى السماء لانها قد تمطر عليكم مشانق ومن دون ان تبصروا وباءً.
/7/2012 Issue 4243 – Date 5 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4243 التاريخ 5»7»2012
AZP09

مشاركة