قصص قصيرة جدا
1- الزعيم وسبيتي أبو الباجة
معروف ان الزعيم عبد الكريم قاسم عندما كان برتبة ملازم اول كان احد ضباط (لواء 14) ومقره في موقع الناصرية العسكري.. كان الزعيم لديه بعض الأصدقاء من أبناء مدينة الناصرية ومن ضمنهم (سبيتي أبو الباجة) الذي كان الزعيم يتناول أحيانا طعامه في محله. وعندما اصبح الزعيم رئيسا للوزراء بعد قيام ثورة (14 تموز عام 1958) ارسل بطلب بعض الأصدقاء القدامى من مدينة الناصرية ومن ضمنهم (سبيتي أبو الباجة) ذهب (سبيتي) الى وزارة الدفاع وكان مكتب الزعيم في الطابق العلوي من الوزارة وعند صعوده للسلم صادف ان الزعيم كان نازلا من السلم، فانتبه لوجود سبيتي فعرفه، أراد الزعيم ان يداعب سبيتي الذي كان ضعيف البصر، فقال الزعيم بصوت قوي: اين انت ذاهب يا رجل؟ فأجابه سبيتي بارتباك قائلا للزعيم، ذاهب الى (كريم) بدون ذكر الرتبة العسكرية او المنصب الحكومي عند ذاك انفجر الزعيم بضحكة عالية وعانق (سبيتي) قائلا له انا (كريم) وقاده من يده الى مكتبه لتكريمه..
2- اقصر رسالة
جاءني يوما جارنا المرحوم الحاج شكري قريش، وبيده ورقة وقلم قال لي اكتب لي رسالة الى اختي (نجية) في بغداد، وكانت حول بيع عقار لهم.. كتب له الرسالة التي كانت من اربع كلمات فقط وهي (نجية لا تجين المشتري قلب).
3- عمي جوعان
كان رجل طويل القامة ضخم الجثة، يلف على كرشه المتدلي لافتة بيضاء بلون دشداشته القذرة المتسخة لا احد يعلم من اين جاء الى مدينة الناصرية في نهاية عقد الخمسينات من القرن الماضي.. يتخذ من رصيف موقف باص مصلحة نقل الركاب المقابل لبناية (المتصرفية) – آنذاك – مناما له، يستجدي الناس بكلمة (عمي جوعان) ذاع صيته في المدينة لفرط بدانته وطرافة طريقته في الاستجداء.. بعد حوالي عقد من السنين اختفى (عمي جوعان) من المدينة وقد روجت عنه إشاعة كاذبة انه كان ضابطا للمخابرات.. وبعد مرور اكثر من نصف قرن من الزمان على حكاية (عمي جوعان) وما روج عنه من تفاهات وكذب – حينذاك – أتساءل وبمرارة وسخرية عن ماذا كان يكتب (عمي جوعان) في تقاريره الأمنية المزعومة..؟عن الرصيف البارد الخشن الذي كان ينام عليه كل ليلة..؟ ام عندما يتناول طعامه اليومي من فضلات المطاعم التي ترمى في حاوية النفايات القذرة؟ الرحمة لروح الرجل المسكين المتشرد (عمي جوعان) ولقدره الاعمى.
4- أبو جودت
(أبو جودت) موظف في مديرية مصلحة نقل الركاب بمدينة الناصرية في ستينات القرن الماضي، كان الرجل بذكاء محدود انتدب يوما في ايفاد رسمي الى بغداد لجلب تجهيزات (احذية) من مخازن المديرية العامة لمنتسبي دائرته من الموظفين والعمال (أبو جودت) جلب الأحذية لدائرته في الناصرية، وبعد توزيعها على العمال ظهرت انها بقياس وحجم واحد، وانها للقدم الأيمن فقط.
5- أبو سهيل)
كنت على وشك مغادرة الفندق في بغداد، عائدا الى الناصرية، عندما استوقفني الصديق أبو سهيل في صالة الفندق وكان مخمورا كانت معه اخته المريضة (نوال) التي جاء بها من الناصرية الى بغداد للعلاج، قال لي اسمح لي ان اكتب رسالة تأخذها الى اهلي في الناصرية لأننا سوف نتأخر قليلا في بغداد.. كتب الرسالة واختتمها بالسلام على عائلته فردا فردا وبالاسم الطريف انه بعث تحياته واشواقه الحارة أيضا الى اخته المريضة (نوال) التي كانت جالسة معنا في صالة الفندق.
6- مجلة الطليعة الأدبية
كنت طالبا في جامعة بغداد وكانت لدي محاولات لكتابة القصة القصيرة والنشر أرسلت قصة قصيرة الى مجلة (الطليعة الأدبية) في نهاية عقد السبعينات بعد اشهر طويلة اخبرني احد الأصدقاء الادباء انه قرأ لي قصة قصيرة في مجلة الطليعة الأدبية، بحثت لايام عن المجلة في جميع المكتبات ولم اجدها، ذهبت الى مقر الجريدة قابلت رئيس التحرير (الذي اصبح فيما بعد احد الأصدقاء الأعزاء) شرحت له المشكلة في البحث عن المجلة ابتسم الرجل وناولني نسخة منها تصفحتها بلهفة وارتباك طبعت قبلة على قصتي المنشورة في المجلة وقبلة أخرى على خد رئيس التحرير الذي ابتسم وقال استمر بالكتابة فأنت موهوب.
7- عزران
(عزران البدري) صاحب مقهى في مدينة الناصرية يرتاده الادباء من أبناء المدينة (عزران) كان اميا لا يعرف القراءة والكتابة، اقترح يوما على الادباء ان يعلموه القراءة والكتابة مقابل جلوسهم في المقهى مجانا.. تحقق له ما أراد فتعلم القراءة والكتابة بمساعدة الادباء بوقت قصير جدا.. بعدها اخذ يطالع الكتب الأدبية بشغف وحب غريب بعد سنين قليلة اخذ (عزران) يكتب القصة القصيرة والمقالة الأدبية وينشرها في الصحف والمجلات العراقية والعربية، واصبح من كبار ادباء مدينة الناصرية في عقد الخمسينات.
8- طارش الطارش
اسمه (طارش) كان يسخر من الذي يحتسي (الخمر) ويثمل ويردد دائما (بيكه ابطل.. وبطله ابيك) رأيناه في احد الليالي يخرج من نادي الموظفين بمدينة الناصرية، ثملا ويترنح في سيره سألناه ان كان بحاجة للمساعدة رفع رأسه نظر الينا للحظات وبصعوبة تكلم وقال (انا طارش.. جبح هل طارش) بيكه ابطل.. وبطله ابيك.. وسار مترنحا ومتعثرا.
عوني حامد حسين – الناصرية