قصة قصيرة
يوم الحساب
بالتأكيد لم تعد تفيدني أم غادة أبدا فإنها فقدت عقلها بعد ان سمعتها تنوح وتبكي بالرغم من ان دموعها جفت نهائيا الذي أصابها لن تحتمله بتاتا والذي مر عليها تفطر له القلوب جزعا وأولهم انا زوجها الذي هو الأخر مفجوعا بمصيبته بقينا ننتظر قدوم غادة إلى الدنيا بفارغ الصبر وبوم ولادتها كنت لا املك ألا دراجتي النارية بعتها لأسدد مصاريف المستشفى الأهلي الذي صممت على إدخالها فيه فالفرحة ملأت نفسي وروحي لان صوت بكاء غادة كان يمثل لي اطرب أغنية اسمعها يوميا بينما كنت أراها تود ان تتعلم الضوابط التي تلتزم بها في كيفية المحافظة عليها فإسالتها المتكررة والتي ما زال منها في ذاكرتي المتعبة لتتلقى تفاصيل ما تريده من والدتها لقد انتظرناها بعد خمس سنوات من عمر زواجنا الذي مر عليه يوم زفافنا كان يوما تموز حار جدا كهذا اليوم المشابه له فان نسمات الهواء قد اختفت وازدادت فيه صورة اليأس والإحباط بأنها من الممكن ان تعود إلى حالتها الطبيعية ما دامت غادة مبتعدة عنها ولكن من أين أتي بها وتخترق أذني صيحاتها قائلة:
هيا أيها الأب الحنون أريد ان تعيد لي غادة ابنتي حبيبتي وفلذة كبدي …
كنت أحاول طوال الوقت انهض من مكاني لأخرج إلى الغرفة الثانية تاركا لها كلامي
تأمريني سأنهض وأفتش عنها ….؟
اختفي من أمامها لاعتكف في مكان خال وابدأ بالبكاء حتى تتعب نفسي منه فاشتاق إليها لتلك الزوجة التي ربطتني بها مودة وتالف وقصة حب طويلة أراها قد تغير شكلها كليا فقد انخفض وزنها وصار وجهها ذابلا وعينيها شبه مغمضتين أما تلك الوجنتين انتهت صورتها الرائعة وأمست منتهي كأنها تنتظر يومها كي ترحل ولكن لو رحلت سأصاب بالجنون فاني سأخسر صورة ابنتي غادة التي هي جزء منها وشبيهتها بالضبط فافتح فمي وارفع يدي إلى السماء متوسلا بربي العظيم قائلا :
يا ربي ومولاي أبقيها لي وشافيها من كل إمراضها …استجب دعوتي يا سميع الدعاء …
بقيت طوال الوقت ألوم نفسي لأنني منعتها من ترك وظيفتها حينما قالت لي :
ان غادة أصبحت بحاجة لي أكثر من الأول ..؟
كان جوابي لها وكلي اعتماد على خالتها شذى التي كانت ربة بيت ماهرة ومتعلمة أصول التربية فكان ردي لها ما دامت شذى موجودة في البيت لا باس تأجيل الموضوع ..
كانت شذى امرأة فشلت في تجربتها في زواجها الأول وأصبحت مطلقة لن تفارق الجدران ألا في حالة خروجها للتنزه والتبضع لكل حاجياتها التي اشتريها بعد ان اقطع أثمانها من مصروف البيت بمجيء غادة ضاعف عددنا من ثلاثة في البيت إلى أربعة كنت مطمئنا لابنتي معها ولم يبقى تفكيري مشغولا بعد ان نترك البيت متجهين إلى عملنا كوني وزوجتي نعمل في التعليم في أحدى المدارس القريبة من البيت ألا ان القدر كان في الانتظار ان تعـــشق شذى أنسانا تواجد معها عند بقائها وحيدة في الدار وعند مروره من أمام البيت لأنه من الباعة الدوارين في أزقة المحلة قصة عشق كانت عنيفة لأنها نتجت من تجربة زواج فاشلة عاشتها في الم ومرارة حب كهذا دفعنا نحن ثمنه فقد شاءت الصدف ان تعود غادة من مدرستها دون سابق إنذار لتلك العشيقة لترى هذا العاشق مع خالتها الطفلة تفاجئت وضيعت كل أفكارها لتنطق بالقول
_والله لأخبر امي وأبي بالأمر .. لن تتحمل رغم صغر سنها فكان رد فعل العشيق ان يخنقها وتتدبر معه خالتها بالتفكير لتكون بالوعة البيت هي مستقرا لها وتكون أعذارا كثيرة تتفوه بها وآخرها أنها لن تعود من المدرسة ورغم البحث عنها لكن رائحتها قد فاحت وتمكن الجيران من دعوتنا لنفتش البالوعة فقد امتلأت وعندما فتحنا بابها كان جسد الطفلة البريئة أمام أنظارنا مما دعي الخالة الانهيار والاعتراف بالذنب الذي ارتكبته متناسية ان غادة الضحية بريئة لا تستحق ان تموت بهذه الطريقة الشنيعة والمكان القذر كان الحساب وقرار القاضي لهما الإعدام بينما زوجتي دفعت ثمنا غاليا هي فقدانها عقلها وتخطيها لموت بطيء بينما انا باق أتعذب وأتذوق العلقم من شدة هول المصيبة وأنا اردد مع نفسي.
أريد يا ربي ان تريني كيف سيكون يوم الحساب لهما…
لم انم حتى طلوع الفجر كنت أعيش لحظات احتضار زوجتي في أنفاسها الاخيرة أنها تريد ان تسبقني لترى يوم الحساب….
هادي عباس حسين – بغداد
AZPPPL