قصة قصيرة 2

قصة قصيرة 2
وتلك الأيام
يمنحني القوة التي استطيع بها أن احسم أمري,ارغب إن يكون حب الآخرين لزوجاتهم كحبي لزوجتي الذي هو وحدة وجود ورغبته صادقه ولا شرع أمام الله والإنسانية دون هذا الحب,وليس حب عقد شرعي فقط أخذت بيده وأجلسته بجانبي على أريكة الغرفة بوسائدها الباليه,كي أجعله أكثر هدوءا بسطت راحة يده وقلت
ربما تأخذ هذه الأمور كعلاج لما أنت فيه ، فالعلاج يسري علينا عندما نؤمن به ، وما دمنا نعتقد بأننا عولجنا ، حال الذي يقيس الجمال ، يتذوقه دون أن يفهمه ، لا تحزن ، لم تكن زوجتك هي الأولى ولا الأخيرة التي التحقت ببارئها ، صار الموت خالداً منذ إن قتل قابيل آخاه هابيل ، كل نفسٍ ذائقة الموت ، مثلما تعودنا على الحياة ، نتعود على الموت ، أنت أفضل مني بكثير يا رجل ،أنت تزوجت التي أحببتها وعشت معها ردحاً من الزمن ، في الوقت الذي أنا فيه لم أتزوج حبيبتي التي عشقتها حتى الموت ، والانكى من ذلك حضرت يوم زفافها لأني كنت ضمن ما دعيَّ لحفلة الزفاف ، هكذا تلك الأيام .
تركته جالساً ، وقفت أمام نافذة الغرفة المطلة على الشارع العام ، ماء السماء ينهمر بعنف ، كأنمّا يعاقب نفسه على أرصفة الشارع بهرني المنظر ، تداخلت عندي أفكار وأفكار صرت احدث نفسي وأنا لا زلت في مكاني ، ماء السماء ينهمر على فئتين من الناس فئة لها سلطان المال والجاه وكل أشكال الهيمنة حتى على الأرواح والأجساد ، أغنياءها يحرزون النصر دائما بتمويه العدالة ونشر الفساد والبغي والتفرد بكل شيء ، وأخرى وهم الغالبية العظمى تغرق في أوحال البؤس والفقر والإذلال ، محرومة من ابسط وسائل الطعام والإسكان والنظام الفكري والرعاية التي يجب منحها لها ليس لها إلا الله الذي يتجلى في كل التفاصيل ، إذ لا بد من الخضوع إلى القانون الإلهي والقواعد وللنظام ، وان لا يكون هناك خرق لها ، هذا الخرق هو السبب في خلق هاتين الفئتين ، يا أسفي على هذه الأمة التي حكمها أسوء السلاطين والحكام الذين أساءوا للتاريخ وجعلوه أسوء تاريخ ، ليس لأنه لم يثمر حضارة حقيقية ، وإنما استعبد الناس مسخراً نفسه لأولئك الحكام الذين مارسوا قوانين بأسمه ، فكان قانونهم يموت به الفقراء ويُذل به الشرفاء ، والأمثلة على ذلك كثيرة هكذا صار لنا التاريخ نحن العرب مشكلة ، يعرض لنا القبيح بثوب جميل ، هل نحن أغبياء لهذا الحد أم أنه يستغبينا ربما لا تكون المشكلة في التاريخ نفسه بل بالذات التي تقبل أن تطلق على القبيح أنه جميل التاريخ الحقيقي للأمم هو تاريخ المعارضة ، وليس التاريخ المدون فقراته من قبل فقهاء بلاط الحكام والسلاطين الذين يرون الزنديق انه خليفة الناس نظرت إليه ولا زال في جلسته ينظر إلى الأرض ، قلت له
يجب أن تنسى ، وإلا ؟
إلا ماذا ؟
اقتادك قسرا إلى المقهى نشرب قدحين من الشاي ، مشروبك المفضل ، أريدك أن تعود إلى ما كنت عليه من المرح والابتسامة التي كانت لا تفارقك رغم عوزك المادي ، اكتب لنا شيء من قصصك الرائعة ، قصص الحب والرومانسية . لبى رغبتي ، غادرنا منزله تحت وابل المطر الذي يهطل بضراوة مع ريح موحشة ، تزمجر بقسوة وعنف ، تعصف بسعفات النخيل وأشجار الكاليبتوس ، جلسنا على طاولة صغيرة تتسع لشخصين فقط ، قٌدم لنا ما نريد. وضع يده تحت فكه الاسفل والأخرى على الطاولة وقال
تعلم أن الحرب خدعة كبيرة ، يحرك خيوطها الكبار ويطبق قواعدها الصغار ها نحن خسرنا كل شيء ، دمرت بنانا التحتية وانتعش شبح الحصار في بطون ناسنا ،هذا ما كسبناه من تلك الحرب .
نعم ، اعلم ذلك ، وأضيف لك معلومة أخرى ، إنها تجعل من بلدان هؤلاء الصغار ومنها نحن ، بؤرة للتخلف والتناقضات الاجتماعية وموروث السلبيات ، بما فيها العرقية والطائفية ، نحن الآن بلا سكن ولا كهرباء ولا نظام للصرف الصحي ، صاروا مقاولين باعوا قطعان مواشيهم وأسسوا الشركات التي أصبحت في النهاية تدير البلد في مجال البناء وتشييد الجسور ولكن قل لي ، لماذا خطرت ببالك فكرة الحرب وأنت تعاني من حياة مريرة سيما بعد رحيل زوجتك؟
لان الحرب يا صديق العمر خَلَقتْ وضعاً مأساوياً للبشر في هذا البلد ، جعلتهم كالدواجن في أقفاصها ما نسميه بالعراقي دجاج معمل ، والجزار يحمل سكينته أمامها ، تدرك دورها في الذبح الآتي لا محالة ، مع ذلك لا تثور على هذا المصير ، ولا تحاول الخروج من الأقفاص ، في مملكة الحرب يا عزيزي كلٌّ من يفكر في ديمومة جسده حتى النساء والأطفال , ليصبح مجرد عثرة أمام العدو الزاحف نحو مدننا , رغم كونها مخلفات مدن قدر لها أن تعيش , نفوس ساكنيها تمتص طعم الهزيمة المر .
نظرت إلى ساعة يدي التي كانت في يدي اليمنى بدلا من اليسرى كما هو معتاد عليه الناس , وجدتها تجاوزت الثانية عشر والنصف ليلا رفعت يدي آمرا إياه بالتوقف عن الكلام اقتدته من يده أوصلته إلى بيته , ودعته على أمل اللقاء قائلا
سنقول فيما بعد عن أيامنا هذه وتلك الأيام يا أخي .
رحيم حمد علي العمارة
/7/2012 Issue 4253 – Date 17 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4253 التاريخ 17»7»2012
AZPPPL

مشاركة