قصة قصيرة
أم ريري الخبازة
لقد عرفها اهالي المحلة وطالما كان اسمها يتردد بينهم وكان الجميع يثنون على دمث اخلاقها ولا ينسون ان يذكرون شبابها وجمالها الخلاب والذي يخطف العقول والابصار ويتاسفون على ما الم بها من كوارث الزمان.
فلقد اصبحت ارملة بعد ان استشهد زوجها بانفجار ارهابي في طريقه الى عمله تاركا زوجته الجميلة وطفلته ريري التي لها ثلاث سنوات من العمر واصبحت هي التي تعيل نفسها وطفلتها وعمتها ام زوجها فليس لهم من معيل غيرها ولم تعرف ان تعمل شيئا فقررت ان تعمل خبازة بمنزلها لتعيل اسرتها وتعاون معها اهل المحلة واصبحوا يشترون منها الخبز وكانت تجامل الجميع ولم تفارقها ابتسامتها وكانت تجامل الجميع ولم تفارقها العذبة واستطاعت ام ريري ان تفرض احترامها على الجميع ولم يجرؤ احد ان يتخطى الحدود منها في الحديث فكانت تتشح بالسواد من الشباب والذي زادها جمالا ووقارا الا ان حسان هو الشخص الوحيد الذي كان يراعي الاسرة ويطل عليها وهو يقوم بانجاز متطلباتها وهو جار لهم وكان الجميع يعرفون ان حسان وابو ريري كانوا اصدقــاء منذ الطفولة وانهما كانا بمثابـــــــة الاخوين حتى ملابسهما كانت متشابهة وبقت هذه الرابطة موجودة حتى بعد وفاته الا ان حسان كان يحمل حبا عميقا لام ريري حتى قبل زواجها من ابو ريري حيث كانت جارة لهم وسبقه ابو ريري لخطبتها وبما انه صديق عمره سكت على مضض وكانت هي تعرف ان حسان يودها ويريدها لنفسه وكان يهيئ نفسه لخطبتها لكنه فوجئ بان صديقه قد سبقه اليها دون ان يدري ان حسان يريدها زوجة له.
وكانت هي لا تستطيع ان ترفض ابو ريري فليس فيه ما يعيب وليس هناك ما يجعلها ترفض طلبة بالزواج منها وان والدها المسن الكبير اراد ان يطمئن على مستقبلها قبل ان تخطفه يد المنون وهي ليس لها غيره ولم يكن لديه غيرها فهي التي خرج بها من الدنيا بعد ان توفيت والدتها بمرض عضال وتركتها طفلة تكفل والدها العناية بها وقبلت بالزواج حتى تكون قريبة من والدها لتعتني به وبعد زواجها بثلاث سنوات توفي والدها وكانت به خير بنت بارة ولم تبخل عليه بشيء من الرعاية والعناية حتى وافاه الاجل.
والجميع يشهد لها بذلك
ومرت الايام وتحرك الحنين من جديد بقلب حسان وكان يسهر الليالي مفكرا كيف سيبدأ الامر مع حبه القديم ومتى تاتي تلك اللحظات التي تجمعه بالانسانة التي طالما تمنى ان يكون معها والى جوارها ويرشف من ينابيع حبها وحنانها وعواطفها فكانت هي على جانب كبير من الرقة ورهف الاحساس.
ولكنه كان قلقا ومشغول البال عن الكيفية التي يصارح بها ام ريري بمكنونات قلبه ويا ترى ما سيكون ردها من طلبه ولاسيما وان ام زوجها تعيش معها وهي متكفلة باعالتها وما سيكون موقف الاخرى من زواج كنتها بزوج اخر.
وقرر حسان ان يحادث المراة العجوز والدة ابو ريري بالامر وهي التي ستدله على الطريق ولاسيما وانها كانت تعتز به لانه صديق ابنها المخلص وكثيرا ما كنت تقول له ان وجوده بينهم كان ابنها موجود بينهم.
اما ام ريري فهي الاخرى كانت تتطلع الى تلك اللحظات التي يتحرك فيها حسان ويطلب يدها لتنتهي من هذا الوضع الذي هي فيه.
فكان الخبز يرهقها كثيرا ولاسيما الوقوف على التنور وكانت هي الاخرى محرجة من والدة زوجها وكيف سيكون الامر صعبا وان كان هناك حديث سابق بينهما اكدت فيه ام ريري بانها لن تتخلى عنها حتى وان تزوجت من جديد فهي بمثابة الام لها وشكرتها العجوز على ذلك بعيون باكية قائلة لها انت ابنة حلال فعلا وذات مساء فوجئ حسان عندما حادثته المراة العجوز ولتطلب منه ان يكمل دينه ويتقدم لخطبة ام ريري فهي تعلم انه يودها وهي تبادله نفس المشاعر وانها تبارك هذا الزواج لانه ابنها ايضا.
وشكرها حسان لصدق مشاعرها وابلغها انه كان محرج منها وبما انها باركت له لم يبق الا موافقة ام ريري التي نادتها الام وابلغتها ان حسان يطلب يدها وما ردها فقالت وهي وجلة الامر لامي وتقصد لام زوجها وهكذا انطلقت (هلهولة) من المراة العجوز بصوت خافت مباركة لهما.
وبعد ايام انتقل حسان للعيش معهم وانتهت اعمال خبازة ام ريري للعناية بزوجها وبيتها وعاد الحب والحنان والسعادة ترفرف على ذلك البيت الذي عاش اوقاتا عصيبة في الظلام ولتكون البداية لحياة جديدة يملؤها الصفاء والاحلام والاماني.
محمد عباس اللامي – بغداد
/9/2012 Issue 4292 – Date 1 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4292 التاريخ 1»9»2012
AZPPPL