قروي من الغازية يقلب أذواق أهل بغداد
القره غولي يحمل عوده بيد وهموم الناس في الأخرى
بغداد – فوزي الهنداوي
من قرية الغازية الغافية على نهر الغراف باقصى الجنوب ومن وسط زقزقة العصافير وخرير مياه الفرات حمل طالب القره غولي عوده بيد وهموم الفقراء باليد الاخرى وقدم الى بغداد.
في العاصمة كان على موعد مع القدر والتحدي قال لهم: ها انذا اخلع دشداشتي وارتدي ربطة العنق والله لآقلبن المعادلة ولاغيرّن الذائقة الفنية لكم ساكتب تاريخا جديدا للابداع. طالب لم يات الى بغداد وحده بل وضع في حقيبة سفره قصائد مظفر النواب وزامل سعيد فتاح وعريان السيد خلف وكاظم الرويعي وكاظم الركابي وحناجر ياس خضر وحسين نعمة وفاضل عواد وكمال محمد ومائدة نزهت ووردة الجزائرية ووديع الصافي وغيرهم من فرسان الاغنية العراقية العربية. واذ يصف النقاد الحان القره غولي بالخالدة والتي تمثل وجها مشرقا في التاريخ الغنائي للعراق فان هذا الوصف لم ينبع من فراغ بل من رحلة كفاح وعذاب ومعاناة امتدت لاكثر من 40 عاما من العمل المضني لم يدخر طالب خلالها شيئا من دم قلبه.
في رحلته مع الابداع والعذاب وضع طالب نصب عينيه هدفا كبيرا لاسيما وانه كان غريبا في العاصمة الا من ابداعه واخلاصه للفن فتجاوز الخمسينيين والستينيين. من رواد الموسيقى العراقية ونجح في رسم بصمته المميزة في تاريخ الفن العراقي حتى صار المؤرخ يكتب مرحلة ما قبل القره غولي ومرحلة ما بعده. ونجح طالب في احتواء الخصوم ومخادعة كتاب التقارير والبوليس السري وكسب الشباب والخامات الاصيلة وحوّل القصائد الطويلة الى اغان جميلة تترد على كل الشفاه. كان الوطن على راس اجندة طالب غنى له الكثير بعد ان حول الوطن الى امراة جميلة وزهرة فواحة ونهر خالد وذاكرة دائمة للناس وحلم للفقراء والعشاق ولا يمكن ايجاز انجازات القره غولي بعبارات مختصرة الا انه يمكن القول ان طالب اعاد صياغة ذائقة اجيال من العراقيين وجدد حركة الموسيقى العراقية واخرجها من الحزام الريفي الذي كان يخنقها الى فضاءات الابداع والامل والفرح والرقي.
خسرنا طالب انسانا لكن لم نخسر منجزه الابداعي الذي سيظل خالدا في العقول والقلوب معا لانه امتزج بطين الوطن ومياه الفرات وهواء بغداد واحلام العشاق والام المعذبين.
AZQ01

















