قد نصل متأخرين..

.
قبل ثلاثة اعوام كنت وزملائي نتسابق بما تراكم لنا من خبرات في التقاط صورة فوتغرافية يحق لنا ان نطلق عليها صورة فنية, لاقامة معرض منفرد او مشترك .عملية التقاط صورة جيدة تتطلب الكثير من التمرين والمحاولات و الدراية بزوايا التصوير واعدادات الكامرة وطريقة استخدام الفلاتر المناسبة ومن ثم معالجات عدة بالحاسوب لكي تظهر صورة مقبولة للعين قريبة من القلب ومؤثرة في مشاعر المتلقي.

وكان منا مَن يرغب في عمل فلم قصير لما يتضمنه الفلم من رسائل ومعلومات مكثفة لا تتطلب من المشاهد سوى بضع دقائق من وقته في زمن السرعة الذي نعيش، و الاخر يطمح لإنشاء قناة على ال(YouTube) فروح القائد وترأس العمل كانت جلية على شخصيته المحبوبة لدينا اتاحت له فرصة الافصاح عن مغامرته، نشأت كل هذه الرؤى والتصورات و الأهداف التي  حلمنا بها بعد ان اجتمعنا في قسم الاعلام في كلية الاداب وكان دور الأساتذة في تنمية بذور الموهبة والحث على المبادرة والعمل الميداني من خلال الدروس العملية التي كان لها الدور في فرز المواهب المتنوعة، تمهيدا لدخولنا في المجالات المختلفة التي يعتني بها القسم في الكلية. وكان الامل يحدو بنا بغية الوصول الى بوابة التخرج والنزول الى الميدان لنضيف ونعزز مسيرة الاعلام الحر والمفيد للمجتمع . وفجأة ودون سابق انذار وقعت المدينة ضمن حصار دام قرابة الثلاث سنوات تغرب فيها اصدقاء وفارقونا وتقطعت السبل بالآخرين في ظل ظروف اكتنفها الغموض والتوجس وحتى عدم القدرة على الافصاح بكوننا طلاب في قسم الإعلام لاننا بتنا مدانين ومعرضين الى عقوبات شتى بسبب طبيعة دراستنا التي ببساطة هي السلطة الرابعة /او بمعنى ادق اشتغالنا في كشف المستور. في تلك الاجواء كنت على وشك فقدان الامل، فقد تعرضت فيها قيمنا و مبادئنا للتشكيك من قبل العصابات التكفيرية (داعش) وغطى الدم البريء شوارع و ازقة المدينة الا ان الغيوم بدأت بالإنجلاء ولكننا ما عدنا كما كنا بنفس ذلك الإندفاع .
ينتابني شعور غريب ما بين فترة واخرى لم اشهده من قبل، فرح ممزوج بألم وحزن ممزوج بفرح لاني بت اتساءل ، هل انتهت المنافسة عند شعورنا بالوصول متأخرين جراء التعطيل الذي كنا مرغمين عليه وعدم اتمام ما بداناه.؟
وحتى قبل داعش كان للامن الجامعي دور محبط ومعطل لعملنا ، يتمثل في ملاحقتنا اثناء قيامنا بتادية احدى المحاضرات العملية اذ لم يكونوا يفهمون اننا لا ننتمي لجهة معينة وانما نحن طلاب مكلفون بالقيام بإعداد تقارير عما يدور من احداث في داخل الجامعة.
مع هذا قد يكون وصولنا متاخرين لا يعني سوى تأجيل ما نسعى لتحقيقه ،فأن نصل متاخرين خير من أن لا نصل ابداً في ظل الظروف العصيبة التي عصفت بالمدينة من تدمير للبنى التحتية و تخريب لمعالمها البارزة التاريخية والحضارية سواء كانت دينية ام اثرية فلم يسلم شيء يدل على وجود حضارة الا و نالته يد التخريب بنية طمسه الا ان ارادتنا احبطت اشاعة الفشل .

قاسم فارس

مشاركة