غموض الضربة الأمريكية ـ تبسم زكريا وباتريشيا زنجرلي

غموض الضربة الأمريكية ـ تبسم زكريا وباتريشيا زنجرلي
لم يتمكن الكونغرس الأمريكي من حل أي امر ذي بال تقريبا منذ عام 2010 إذ أخفق في إنجاز مهام كانت ضمن مسؤولياته الرئيسية المتعلقة بالطرق والمدارس والمزارع والبريد الأمريكي.
وزاد الغموض الذي يكتنف رد واشنطن على الأزمة السورية بعد أن طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما من مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون ومجلس الشيوخ الذي يقوده الديمقراطيون الموافقة على إجراء عسكري بات يمثل قضية مثيرة للجدل بالفعل داخل الحزبين وبين بعضهما البعض. ونظرا لأن الكونغرس لن يبدأ حتى مناقشة هذه المسألة قبل التاسع من سبتمبر أيلول على أقل تقدير ستظل هناك علامة استفهام على سياسة واشنطن تجاه سوريا لأسابيع يتخللها نقاش زاخر بالانفعالات وربما المرارة. واتضح ذلك السبت عقب الاعلان المفاجئ من الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه سيسعي وراء الحصول على تفويض بتنفيذ ضربات عسكرية محدودة في سوريا من أعضاء الكونغرس الذين شكا من أن كثيرين منهم يسارعون دون تفكير بمعارضة أي أمر يقترحه.
وليس هناك أحد على دراية بشؤون الكونغرس يمكنه التنبؤ بأي قدر من الثقة بالكيفية التي سيتعامل بها المشرعون مع قرار يسمح بتنفيذ ضربات في سوريا.
ومما يزيد من الغموض تلك العلاقة التي غالبا ما تتسم بالتوتر والفتور بين أوباما والكونغرس. وقال مساعد ديمقراطي بمجلس النواب الأمريكي طلب عدم ذكر اسمه إن التصويت سيعتمد على الجمهوريين لأن الديمقراطيين سيكونون منقسمين بالتساوي . ولدى سؤاله عن النتائج المحتملة للتصويت في مجلسي النواب والشيوخ قال السناتور الجمهوري بوب كوركر من ولاية تينيسي إنه يعتقد أن التصويت قد يكون معضلة . وقال كوركر لشبكة سي. إن. إن الأمريكية إن بعض الأعضاء ربما لا يدركون ما يحدث في سوريا مضيفا أن الشعب الأمريكي اليوم لا يؤيد ذلك .
وقال جون الترمان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قرار إشراك الكونغرس في حين لم يتحقق قدر كبير من النجاح في العمل مع الكونغرس يبدو لي بمثابة مغامرة .
وأضاف حاول الرئيس ووزير الخارجية إظهار إصرارهم ولكن السؤال هو ماذا سيحدث إذا لم يحصلا على الدعم الذي أراداه وما تأثير ذلك على قدرة الحكومة على قيادة البلاد؟
لا شك أن القضية السورية قضية معقدة للغاية من الناحية السياسية وتسبب انقسامات داخل الحزبين وبين بعضهما البعض. فبعض الديمقراطيين الليبراليين ومن بينهم أعضاء في كتلة السود بالكونغرس باتوا يتشككون في جدوى التدخل ووقع عشرات الديمقراطيين على خطاب يوم الخميس يعبرون فيه عن قلقهم من الانزلاق إلى حرب غير حكيمة .
وعبر بعض الجمهوريين الأكثر محافظة أمثال جاستن أماش النائب عن ولاية ميشيجان عن تشككهم أيضا في جدوى التدخل في سوريا.
أما أنصار هذا التدخل ومن بينهم السناتور جون مكين من ولاية أريزونا والسناتور لينزي جراهام عن ولاية ساوث كارولاينا فلم يؤيدوا طلب التفويض قائلين في بيان مشترك إنهم يخشون ألا تكون خطة أوباما المحدودة لشن ضربات عسكرية كافية لإرضائهم.
وتقدم البيت الأبيض مساء السبت بطلب التفويض الذي وصف بأنه رد على استخدام الأسلحة الكيماوية أو غيرها من أسلحة الدمار الشامل. وجاء الطلب في صورة قرار يتطلب موافقة مجلسي الكونغرس. ومن المستبعد أن تكون هناك محاولات لتعديل القرار أو اتباع الإجراءات الروتينية لتعطيله وسيحتاج أوباما إلى دعم كبير من الجمهوريين للموافقة عليه. وقال داريل ويست مدير دراسات الحكم في مؤسسة بروكنجز من المفارقة أن الجمهوريين في الكونغرس قد ينقذون أوباما… فهم يميلون إلى التشدد في السياسة الخارجية. ويمكنني أن أتوقع تصويت عدد كبير من الديمقراطيين بالرفض لكونهم أكثر تشككا في جدوى التدخلات الخارجية . ولعل ما يبرز الانقسام بشأن الملف السوري ذلك الخلاف حول توقيت المداولات التي سيجريها الكونغرس لبحث هذا الموضوع خاصة قرار قيادة مجلس النواب بالانتظار حتى انتهاء العطلة الصيفية في التاسع من سبتمبر أيلول بدلا من العودة إلى واشنطن يوم الثلاثاء أو قبل ذلك. وبينما قالت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ مساء السبت إنها ستبدأ جلسات الاجتماع قبل عودة الكونغرس إلى العمل رسميا لم يعلن مجلس النواب عن خطة مماثلة. وقال السناتور ماركو روبيو من ولاية فلوريدا والذي يعتبر مرشحا محتملا عن الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2016 يجب أن يعود الكونغرس إلى واشنطن على الفور ويبدأ في مناقشة هذه القضية .
ويعطي الدستور الأمريكي للرئيس الحق في استدعاء الكونغرس للانعقاد في مناسبات غير عادية ويمكن كذلك لقيادة الكونغرس ان تفعل ذلك. غير أن أيا من الطرفين لم يتخذ هذه الخطوة.
وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية إن أوباما ترك لقادة الكونغرس القرار في دعوة الأعضاء للانعقاد مبكرا نظرا لأن الحكومة تريد عقد اجتماعات مغلقة وعرض مبرراتها على الكونغرس في الأيام المقبلة كما أن هناك مشكلات في ترتيب الاجراءات في ظل حلول عطلة عيد العمال يوم الاثنين وعطلات دينية خلال الأسبوع. ورغم أن الكثير من الأعضاء حثوا أوباما على التشاور مع الكونغرس لم ينتقد قرار الرئيس سوى عدد قليل منهم. وقال النائب الجمهوري بيتر كينج عن ولاية نيويورك وهو أحد أعضاء لجنة المخابرات في مجلس النواب والذي يؤيد الرد العسكري في سوريا الرئيس أوباما يتخلى عن مسؤوليته كقائد أعلى ويقوض سلطة الرؤساء القادمين . وأضاف لا يحتاج الرئيس إلى الكونغرس للتفويض بتنفيذ ضربة في سوريا .
ورغم ذلك قال بعض الديمقراطيين الذين يؤيدون أوباما إنهم كانوا يفضلون أن يتصرف الرئيس دون اللجوء إلى الكونغرس.
وقال السناتور الديمقراطي بيل نيلسون من ولاية فلوريدا أؤيد قرار الرئيس… ولكنني أرى أنه يجب علينا تنفيذ ضربة في سوريا اليوم. فاستخدام الأسلحة الكيماوية أمر غير إنساني وينبغي إجبار المسؤولين عنه على تحمل عواقبه .
AZP07

مشاركة