غزة هي قطب التغيير – جاسم مراد
في قراءة متواضعة لسياقات الحرب بين غزة كمقاومة وشعب وجغرافيا محدودة الامتداد ، وبين إسرائيل التي تمتلك كل القوة العسكرية والتكنلوجيا وعقلية الإرهاب والعنصرية والبطش ومعها أمريكا القطب الواحد في العالم مع اهم دول أوروبا ، نستطيع ان نستنتج بعد اكثر من ( 48) يوما من هذه الحرب وهي مستمرة ، إن المقاومة الفلسطينية وحركة حماس تحديدا صاحبة وقائدة طوفان الأقصى قد انتصرت فعلياً ميدانيا وسياسيا وشعبيا عربيا وعالمياً ، وإسرائيل ومن معها كسبت حرب القتل العشوائي لاكثر من ( 5)الاف طفل بينم أطفال الخدج واكثر من ( 4) الاف امرأة أي مجموع ما قتلته إسرائيل من المواطنين السلميين يتجاوز ال (12) الف انسان ، وعلى وفق ذلك التقييم فأن النتائج تحسب لصالح حركة حماس والمقاومة .
الحدث الذي جرى في ال ( 7) من أكتوبر الماضي وهو الحرب بعينها حيث سيطرت ودمرت حماس فرقة غزة الإسرائيلية وهي من الفرق العسكرية الإسرائيلية المختارة بالإضافة الى اعداد مهمة من الامن والاستخبارات الإسرائيلية والمستوطنين ، هذا الحدث وهو الحرب بعينها غير الكثير من موازين الصراع وعلى المستويين العسكري والسياسي اعترفت به إسرائيل أو لم تعترف ، قبل به الامريكان والغرب أو لم يقبلوا إلا انه فرض مواقف جديدة واسس لصيغة عمل فلسطينية ابرزها انتقال القضية الفلسطينية الى أهم الملفات الدولية بعدما ارادت أمريكا وإسرائيل الغائها ، ومن ابرز تلك الملفات أنه لابد من حل الدولتين وتحقيق الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة على حدود عام 1967 .
فلسطين السلام والحرب
وعلى وفق مجريات الحرب التي استهدفت فيها القوات الحربية الإسرائيلية الأطفال والنساء حيث راح نتيجة ذلك حتى الان اكثر من ( 5) الاف طفل و ( 4) الاف امرأة منهن نساء حوامل وتدمير الاف البيوت والشقق السكنية وبيوت العبادة الإسلامية والمسيحية على رؤوس ساكنيها وجرف الأراضي والشوارع إلا إن ذلك لم يوقف الحرب ولم يقلل من قدرة المقاتلين على إيقاع ابلغ الإصابات بالقوات الإسرائيلية وتدمير عشرات الدبابات والعربات العسكرية الإسرائيلية ، وهي معركة مستمرة خسرت فيها إسرائيل كل عناوين خططها ضد غزة التي صارت مركز المتغيرات في المنطقة والعالم ، وأصبحت هي الفاعلة في اثبات حقيقة حقوق الشعب الفلسطيني في الأرض والدولة والسلام رغم محاولات العدو الإسرائيلي ومعه واشنطن وقادة الدول الغربية من طمسها ، هؤلاء الذين هرعوا لإنقاذ كيان الاحتلال من عملية طوفان الأقصى المجيدة .
إن المعادلة الان بين فلسطين وإسرائيل رغم الكلفة الكبيرة التي يقدمها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ، رغم ذلك فأن المعادلة أصبحت واضحة إذ كان ذلك لدى الإدارة الامريكية والغربية أو في اجندة الأمم المتحدة بأن لابد من إيجاد الحلول التي تضمن للشعب الفلسطيني حقوقه أو ما يتعلق بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ، لقد تمكنت المقاومة من فرض شروط الهدنة بمشاركة ودعم كل من دولة قطر وجمهورية مصر العربية وبتعاون مع الإدارة الامريكية ، فإسرائيل رغم القتل الوحشي لابناء غزة والضفة الغربية لم تحقق أي من أهدافها التي أعلنتها وهي تدمير المقاومة واحتلال غزة وتهجير الشعب ، وإنما أصبحت المقاومة صوتاً يصدح في كل شعوب العالم ، وتراجعت أمريكا كدولة ضامنة ومؤيدة للوحشية الإسرائيلية وانعكس ذلك على حضور الرئيس الأمريكي بايدن في الانتخابات المقبلة وكل القادة الأوروبيين ، واصبح الصوت الشعبي الأوروبي يصدح باسم فلسطين وحرية إقامة الدولة المستقلة ، وانكشف ذلك بتصريحات الموقفين الاسباني والبلجيكي برفض القتل الجماعي الذي تمارسه إسرائيل ضد المدنيين والأطفال والنساء الفلسطينيين .
أفكار مصرية
لقد طرح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي افكاراً جديدة ، ستكون قاعدة لحوارات ومواقف تسبق مشروع حل الدولتين الذي لم تلتزم به إسرائيل منذ اتفاقات أوسلو التي مضى عليها حوالي ( 35) عاماً والأفكار التي طرحها الرئيس السيسي تتمثل بأن يعترف العالم أي دول منظمة الأمم المتحدة بدولة فلسطين وان يكون لها كامل العضوية في الأمم المتحدة ثم يجري الحديث بحقوق هذه الدولة والالتزام بسلامة ارضها وامن الشعب على وفق مقررات وبيانات الأمم المتحدة ومجلس الامن ، هذه الأفكار تبدو منطقية سيما وان إسرائيل ترفض الحلول وتتجاوز على حقوق الشعب الفلسطيني وتشن الحروب والابادة ضد الشعب الفلسطيني .
بعد الثمن الكبير الذي قدمه شعب غزة العظيم والانتصار الأكبر الذي حققه طوفان الأقصى لم يعد بمقدور العالم السكوت عن القضية الفلسطينية ، ووفق مجريات الاحداث فأن فلسطين أصبحت القضية العالمية الأولى وان الشعوب المناهضة لإسرائيل والدعم الغربي الأمريكي المساند لسياساتها العنصرية كشفت لدى شعوب الأرض كم هو هذا العالم انتهازي يتعامل بازدواجية رخيصة بين القاتل الإرهابي إسرائيل والضحية المتمسكة بحقوقها وهو الشعب الفلسطيني .
إن تهديد نتنياهو بمواصلة الحرب هو بعينه تهديد المنكسر فبعد ( 50) يوما من الحرب الدموية لم يتمكن الاحتلال الفاشي من تحقيق أهدافه ، فإذا أراد خمسون يوماً أخرى من قتل الأطفال والنساء فماذا يتبقى لحلفاءه الغربيون من حضور شعبي ، فأن ذلك حتما سيغير الكثير من المعادلات وقد يؤدي الى حرب أوسع واكبر تخسر فيها أمريكا والعديد من الغربيين حضورهم في المنطقة ، فهل بإمكان إسرائيل تحمل تبعات سلوكها العنصري ، وهل بمقدور أمريكا تحمل نتائج ما سيجري في المنطقة ، هذا ما سنراه لاحقاً.