غباء اصطناعي – علي عزيز السيد جاسم

علي عزيز السيد جاسم

تنشغل الدول المتقدمة بالسباق المتسارع لتنمية القدرات المعرفية التكنولوجية والتقنية الحديثة والمتوالدة ، وتتنافس الدول الكبرى في الابتكارات والاختراعات سيما الخاصة منها بما يعرف بالذكاء الاصطناعي الذي اصبح الشغل الشاغل لجميع البلدان المهتمة بمصيرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وخصوصاً في ما يسمى بالبلدان النامية التي لم تخبر بعد بجميع اسرار هذا التطور الهائل والمتسارع للخوارزميات الالكترونية التي تحّول الانسان بموجبها الى مجرد سلعة او بضاعة قابلة للبيع والشراء.

ويرى خبراء واكاديميون متخصصون في الاعلام والذكاء الاصطناعي ان التوجه الرأسمالي الدولي لم يعد مهتماً بنفس قدر الاهتمام السابق (جزئياً كحالة اقناع) فيما يعرف بتنمية المجتمعات وتطويرها من حيث التثقيف والتعليم والتنوير ، بل اصبح مهتماً بتحويل جميع ما يمكن الافادة منه لصالح دوران كرة الثلج الاقتصادية وتدحرجها الى اقصى بقاع العالم الغنية بالموارد الطبيعية والجيوسياسية واستثمارها بالشكل الامثل لاغراض الكسب المالي.
وبطبيعة الحال فان معادلة الربح والخسارة او الكسب والفقدان تطارحها معادلة العالم والجاهل ، العارف والسفيه ، فما كان من البلدان المتقدمة سوى ان تجتذب كل ما هو نافع وتوظفه في مجالات المعرفة التي تحتاج ، او الافادة من استثماراتهم عبر استقطاب رؤوس اموالهم وتشغيلها لصالح اقتصاد بلدانهم ، او على اقل تقدير تحييدهم من افادة بلدانهم من حيث الخبرات بمختلف وتنوع التخصصات وذلك عبر توفير الوسائل والمستلزمات الطبيعية للعيش الكريم المحترم.

اما الطرف الاخر من المعادلة الذي تتدخل فيه ايضاً البلدان الحاكمة في العالم فهو توظيف الاغبياء والعملاء ومن اصحاب الفكر المنحصر والمحصور بزوايا معينة ، ومن امثال هؤلاء كل من يتشدد برفض الاخر وعزله لمجرد الاختلاف بالرأي او بأي شيء اخر ، غير ان اصحاب هذه المذاهب المتشددة (جميعاً) تحل عقدتهم زاوية واحدة يشتركون بها وهي الاهم بالنسبة لهم الا وهي (زاوية ما بين الفخذين) وما يترتب على توفيرها وادامتها وصيانتها من حاجة الى سلطة ومال وجاه يوفره الحكم!

المجتمع العراقي (يلوك) نفسه كما العلكةِ ، فيهدر يومياً ساعات من حياته هباءً منصاعاً بإرادته واشباعاً لرغبة وعطش وجوع قديم للتقنيات الحديثة التي توفرت له بالمجان وانغمس بها الى الشريان ، اما المجان فهو ما انطلت حيلته بطريقة نفسية وفنية ، اما الشريان فقدمناه طواعية.

الاحزاب السياسية التي كشف عن عورتها وبان ضعفها وعدم قدرتها على قيادة دولة ، ليس لانعدام المعرفة وخبرياتها، وانما لعدم قدرتها على الاكتساب، فهي مشبعة بثقافة الغباء الاصطناعي ومعادله الذكاء المصطنع ، الذي هو الوهم!
ان العوامل الطاردة في عقود سابقة ، هي ذات العوامل التي طردت الاخرين ، ونفسها وبلباس اخر ستطرد الموجودين. هذه فرضية لكن براهينها ثابتة على مر العصور ، فإنها تدور ، ولولا ذلك ما وصلت اليهم الَسلطة ببابا غنوجها ومولاي وشيخنا وسيدنا وما تبدل تبديلا.

مشاركة