عين الشاعر جهاز خطير
وليد الصراف
عين الشاعر جهاز خطير يجول في الماضي ويشير للحاضر الي مواقع الماء والكلا في المستقبل .اقول هذ الكلام وانا اقرقصيدة نزار قباني الشهيرة هوامش علي دفتر النكسة التي كتبها عام 1967بعد نكسة حزيران.. ان كل مقطع منها شتيمة يوجهها الشاعر الي بني قومه والينا نحن الذين نقرا القصيدة بعد 45سنة من تاريخ كتابتها ويبدو ان ساعي البريد سيحملها الي عناوين اخري في ازمان اخري فما زال كل فعل فيها مضارعا بعد ان مضت عليه كل تلك السنوات»يوجعني ان اسمع الانباء في الصباح ..يوجعني أن أسمع النباح«..»نجعل من اشرافنا انذالا نجعل من اقزامنا ابطالا نرتجل البطولة ارتجالا نمدح كالضفادع نشتم كالضفادع نقعد في الجوامع تنابلا كسالي ونطلب النصر علي عدونا من عنده تعالي« .. والمعروف ان القصيدة منعت في مصربعد نشرها ففيها مقطع كامل هو اعلاها فنّا ينتقد فيه جمال عبد الناصر دون ان يذكر اسمه صراحة وبعد المنع يوجه الشاعر رسالة الي عبد الناصر شاكيا له انه منع من دخول مصر ومنعت قصيدته بل شعره كله واغانيه من الظهور في الاعلام المصري فيسمح جمال عبد الناصر للقصيدة ولشعر القباني واغانيه ان تعود وان يدخل نزار الي مصر ويكرم كما كان وهذا موقف مشرف يسجل للرئيس عبد الناصر. مايعنيني في القصيدة مقطع وجهه نزار الي الاطفال,والذين كانوا اطفالا وقت كتابة القصيدة هم المواليد مابين منتصف الخمسينات الي منتصف الستينات ياأيها الأطفال من المحيط للخليج، أنتم سنابل الآمال.. وأنتم الجيل الذي سيكسر الأغلال.. ويقتل الأفيون في رؤوسنا.. ويقتل الخيال ..يا أيها الأطفال أنتم -بعد- طيبون ..وطاهرون،كالندي والثلج، طاهرون.. لا تقرؤوا عن جيلنا المهزوم يا أطفال ..فنحن خائبون ..ونحن، مثل قشرة البطيخ، تافهون ..ونحن منخورون منخورون كالنعال ..لا تقرؤوا أخبارنا ..لا تقتفوا آثارنا ,,لا تقبلوا أفكارنا ..فنحن جيل القيء، والزهري، والسعال ,,,ونحن جيل الدجل والرقص علي الحبال ..يا أيها الأطفال ..يا مطر الربيع.. يا سنابل الآمال ..أنتم بذور الخصب في حياتنا العقيمه ..وأنتم الجيل الذي سيهزم الهزيمه…,,وتدور الارض ويذهب الرئيس جمال والشاعر نزار الي جوار ربهما ويكبر الاطفال من المواليد المشار اليها ويستلمون الحياة التي نعيشها ويكون لكل منهم دوره فيها الذي رسمته مؤهلاته وقدره ..ونقف لنقارن بين زمن وزمن , ونكسة وهزائم ,مستعيدين كل مااستجد من كوارث اقتصادية واجتماعية وفكرية وسياسية وعسكرية بعد هذه النكسة والحبل علي الجرّار ونسأل هل استمع الكبار الي شتائم الشاعرفاعتدلوا وهل وعي الاطفال الذين كبروا نصائحه فاستقاموا ؟من كل هذا الارتداد الخطير الي الوراء نستنتج ان هذه السنابل التي خاطبها نزار قد أسفرت عن عاقول وشوك قتاد وان المستقبل الزاهر لهم ولامتهم الذي اشار اليه تحول الي حاضر مقفر ..واسال مرة اخري اذا كان الله قد قيض لهؤلاء المواليد انهم ولدوا وعاشوا طفولاتهم في زمن زعماء حقيقيين ورجال اقتصاد ومفكرين وفنانين وعسكريين وشعراء كبار مثل نزار قباني الذي كتب لهم هذه القصيدة ,اذا كان الله جعلهم يعيشون في ظل كل هؤلاء الكبار ومع ذلك آل حالهم الي هذا المآل السيء الذي نري فكيف سيكون مآل أطفالنا الذين يولدون في هذا الزمن حيث لا فن ولاعلم ولاادب ولاسياسة ولاشعراء كبار امثال نزار قباني يشيرون لهم الي طريق مفض الي مستقبل زاهر حتي وان لم يسلكوه كما فعلنا نحن.
/2/2012 Issue 4125 – Date 18- Azzaman International Newspape
جريدة »الزمان« الدولية – العدد 4125 – التاريخ 18/2/2012
AZP09