عودة المهرجان المخصص للاله الهندوسي غانيش 

بومباي‭ (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭) – ‬ينهي‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الحرفيين‭ ‬المكسوين‭ ‬بالجص‭ ‬إنجاز‭ ‬تماثيلهم‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تجسد‭ ‬الاله‭ ‬الهندوسي‭ ‬غانيش‭ ‬ذا‭ ‬رأس‭ ‬الفيل،‭ ‬تحضيراً‭ ‬لإحياء‭ ‬مهرجان‭ “‬غانيش‭ ‬تشاتورثي‭” ‬الذي‭ ‬ينطلق‭ ‬الأربعاء‭ ‬في‭ ‬بومباي‭ ‬ويُشكل‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الاحتفالات‭ ‬الدينية‭ ‬في‭ ‬الهند‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬التدابير‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالجائحة،‭ ‬قلّصت‭ ‬السلطات‭ ‬خلال‭ ‬السنتين‭ ‬الفائتتين‭ ‬حجم‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬المهرجان،‭ ‬وكذلك‭ ‬حجم‭ ‬تماثيل‭ ‬غانيش‭.‬

إلا‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬تستعيد‭ ‬تماثيل‭ ‬الإله‭ ‬حجمها‭ ‬الضخم‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬أقله‭ ‬إلى‭ ‬تسعة‭ ‬أمتار،‭ ‬فيما‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬عشرات‭ ‬الأشخاص‭ ‬لرفعها‭ ‬والسير‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬المدينة‭.‬

ويستقطب‭ ‬المهرجان‭ ‬الذي‭ ‬يُقام‭ ‬على‭ ‬11‭ ‬يوماً‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬المدينة‭ ‬الهندية‭ ‬الساحلية‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المؤمنين‭ ‬الهندوس‭.‬

ويقول‭ ‬بهارات‭ ‬ماسوركار،‭ ‬وهو‭ ‬حرفي‭ ‬يتولى‭ ‬نحت‭ ‬الأصنام‭ ‬منذ‭ ‬أربعة‭ ‬عقود،‭ ‬مبتهجاً‭ ‬إنّ‭ “‬الطلبات‭ ‬على‭ ‬التماثيل‭ ‬استؤنفت‭”.‬‮ ‬

وكان‭ ‬الحرفي‭ ‬يجلس‭ ‬بين‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬منحوتاته‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬الطين‭ ‬أو‭ ‬الجص،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يُدخل‭ ‬إليها‭ ‬ألواناً‭ ‬زاهية‭.‬

ويوضح‭ ‬ماسوركار‭ (‬59‭ ‬سنة‭) ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬من‭ ‬مشغله‭ ‬الذي‭ ‬يعج‭ ‬بالأعمال‭ ‬أنّ‭ “‬الطين‭ ‬وجبس‭ ‬باريس‭ ‬عاد‭ ‬استخدامهما‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬جداً‭”.‬

وفي‭ ‬زاوية‭ ‬أحد‭ ‬الشوارع،‭ ‬ينجز‭ ‬عمال‭ ‬موسميون‭ ‬عملهم‭ ‬تحت‭ ‬خيمة‭ ‬خُصصت‭ ‬لتصنيع‭ ‬تماثيل‭ ‬غانيش‭ ‬ضخمة‭ ‬وهم‭ ‬يقفون‭ ‬على‭ ‬سقالات‭ ‬خشبية‭.‬

ويقول‭ ‬العامل‭ ‬راجو‭ ‬باتيل‭ (‬46‭ ‬سنة‭) ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬بيهار‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬ألفي‭ ‬كيلومتر‭ ‬من‭ ‬بومباي‭ ‬حيث‭ ‬يقطن‭ ‬مدى‭ ‬أربعة‭ ‬أشهر‭ ‬سنوياً‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1996‭ ‬لكسب‭ ‬لقمة‭ ‬عيشه‭ “‬نعمل‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬15‭ ‬ساعة‭ ‬يومياً‭”.‬‮ ‬

‭ ‬أثر‭ ‬بيئي‭ ‬كبير‭ ‬

ويُستخدم‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬تماثيل‭ ‬غانيش‭ ‬العملاقة‭ ‬الجص‭ ‬الباريسي،‭ ‬وهو‭ ‬مادة‭ ‬متينة‭ ‬وخفيفة‭ ‬الوزن‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬جعل‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬التماثيل‭ ‬عبر‭ ‬الشوارع‭ ‬سهلة،‭ ‬فمعظم‭ ‬هذه‭ ‬التماثيل‭ ‬تُنقل‭ ‬على‭ ‬عربات‭ ‬تُجرّ‭ ‬يدوياً‭ ‬من‭ ‬المشاغل‭ ‬إلى‭ ‬الأحياء‭ ‬التي‭ ‬تطلبُ‭ ‬تصنيعها‭ ‬لاستخدامها‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬الذي‭ ‬يحتفل‭ ‬ويرقص‭ ‬خلاله‭ ‬آلاف‭ ‬المصلين‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ساعات‭.‬

ويوضح‭ ‬الحرفيون‭ ‬أنّ‭ ‬الطين‭ ‬وزنه‭ ‬ثقيل‭ ‬جداً‭ ‬وهش‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬مناسب‭ ‬لتصنيع‭ ‬تماثيل‭ ‬غانيش‭ ‬الضخمة‭. ‬أما‭ ‬المعجون‭ ‬الورقي،‭ ‬فلا‭ ‬يُستخدم‭ ‬لتصنيع‭ ‬التماثيل‭ ‬خلال‭ ‬موسم‭ ‬الرياح‭ ‬الموسمية‭ ‬السائد‭ ‬حالياً‭.‬

وينهي‭ ‬المهرجان‭ ‬فعالياته‭ ‬بمواكب‭ ‬تتجه‭ ‬نحو‭ ‬بحر‭ ‬العرب‭ ‬لإغراق‭ ‬التماثيل‭ ‬في‭ ‬مياهه‭. ‬أما‭ ‬المعجون‭ ‬الورقي‭ ‬فلا‭ ‬يذوب‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬وتُرصد‭ ‬التماثيل‭ ‬المصنوعة‭ ‬منه‭ ‬لاحقاً‭ ‬على‭ ‬الشواطئ،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يوضح‭ ‬علماء‭ ‬البيئة‭ ‬الذين‭ ‬يؤكدون‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬تلوّث‭ ‬المياه‭ ‬وتُحدث‭ ‬أضراراً‭ ‬بالحياة‭ ‬البحرية‭.‬

ويشكل‭ ‬الأثر‭ ‬البيئي‭ ‬للتماثيل‭ ‬المصنوعة‭ ‬من‭ ‬الجص‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬بدوره،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬سلطات‭ ‬بومباي‭ ‬إلى‭ ‬حظر‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬المقبلة‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أُجيز‭ ‬استخدام‭ ‬الجص‭ ‬في‭ ‬المهرجان‭ ‬‮ ‬شرط‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إغراق‭ ‬التماثيل‭ ‬في‭ ‬بحيرات‭ ‬مائية‭ ‬اصطناعية‭.‬

لكن‭ ‬الحرفيين‭ ‬الذي‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬الجص‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬تماثيلهم‭ ‬يعربون‭ ‬عن‭ ‬قلق‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬مستقبلها‭.‬

ويقول‭ ‬ماسوركار‭ ‬بقلق‭ ‬إنّ‭ “‬الحرفي‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم‭ ‬الجص‭ ‬الباريسي‭ ‬قد‭ ‬يموت‭ ‬جوعاً‭”‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬انّ‭ ‬حرفيين‭ ‬كثيرين‭ ‬يأتون‭ ‬إلى‭ ‬بومباي‭ ‬من‭ ‬قراهم‭ (‬في‭ ‬بيهار‭) ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬وظائف‭.‬

مشاركة