عودة إلى العناوين الأولى

تلك الكتب عودة إلى العناوين الأولى من الاسئلة التي كان الصحفيون يطرحونها على الادباء والمفكرين والفلاسفة اثناء الحوار معهم، واجراء المقابلات الصحفية والثقافية سؤال عن الكتاب الذي يحرصون على قراءته باستمرار، ويرجعون اليه باستمرار، ويرافقونه في البيت، والدائرة، وقد يكون مرافقا لهم في غرفة المنام، ويكون من الكتب البارزة في المكتبة الشخصية، وفي الحقائب التي ترافقهم الى المقاهي والاتحادات الثقافية، وتكون محملة بما يكتبون من اوراق. والسؤال المشار اليه: ما هو الكتاب الذي تحرص على قراءته باستمرار، وتراجعه ياستمرار ؟، وتحاول مرافقته باستمرار ايضا؟ ومع ان السؤال واحد، الا ان الاجوبة تاتي مختلفة، فهناك من ينفي اية علاقة دائمة ومتواصلة مع اي كتاب، وهناك من يزعم انه قد اجتاز مرحلة التابع لاي كتاب، ولم يعد من قراء الكتاب الواحد، وهناك من يشير الى كتاب معين، كان يكون كتابا دينيا اوفلسفيا او ادبيا، او قصصيا، أو علميا، اذ يحاول بعض من يطرح عليهم هذا السؤال الى الاشارة الى كتب دينية او ادبية او علمية ذات صلة وثيقة باختصاصاتهم وذات صلة وثيقة بالمرحلة واهتماماتها، ومعطياتها الثقافية والسياسية والاجتماعية. وقد نجد بين الاجوبة من يحاول نفي تاثره بكتب معينة فيميل الى ذكر كتب اخرى مختلفة عنها، او متناقضة معها، ونجد ايضا من يحاول اضفاء السمة العالمية والانسانية على ثقافته فيذكر انه مهتم في هذه الايام بقراءة كتب عن فلسفات وتيارات علمية وفلسفية غريبة، ماتزال في بدايات وصولها الى الساحة الفكرية والثقافية العربية. ومع ان البعض يمتلك ثقافة تراثية محدودة، وذات معلومات مبعثرة ومشتتة، الا انه يحاول عند طرح هذا السؤال عليه ان يضفي على نفسه سمات العارف بالتراث، والمشغول به، والدارس له، والباحث فيه، حيث يذكر ابرز الكتب العربية مثل نهج البلاغة ومؤلفات الجاحظ والجرجاني ودواوين المتنبي وابي العلاء المعري والبحتري وغيرهم من كبار الشعراء والادباء والمفكرين. وهناك من يحاول اقامة علاقة تواصل وتلاقح بين نتاجاته وبين نتاجات شعراء بارزين وادباء ومؤرخين فيذكر عند اجابته على هذا السؤال انه مشغول بدواوين ومؤلفات هؤلاء الشعراء والادباء، وانه قد استوعب تجاربهم وما يقدمون من تطورات ومعطيات فنية، وانه قد انتقل بها الى مسارات نوعية جديدة. والسؤال عن اهم كتاب يحرص على قراءته الشعراء والادباء يمكن ان يتفرع الى سؤال عن اول كتاب قرأه وتاثر به هذا الاديب او ذاك، وان يتفرع الى سؤال عن الكتاب الذي تاثر به، والكتاب الذي وجد فيه ما يبحث عنه من معلومات وافكار، والكتاب الذي قاده الى التعرف على موهبته الادبية وامكاناته الثقافية، والكتاب الذي يجمعه مع اسماء معينة وبارزة من الادباء والمفكرين والكتاب الذي امده بموضوعات عديدة، بعضها تحول الى بحوث ودراسات مهمة، وبعضها قابل لان يتحول الى بحوث ودراسات اخرى، وهو الكتاب الذي اصبح مرتكزا اساسيا كثقافته ومشاريعه الثقافية. والكتب التي تمتلك هذه الاهمية والتاثير في نتاجات وثقافات قرائها من الادباء والمفكرين وامثالهم في اللغات والثقافات الاخرى انما تعبر عن غنى الثقافة التي تنتسب اليها هذه الكتب، وعن احتوائها على صروح وعلامات ثقافية بارزة ومؤثرة في الثقافة الانسانية، وعن دورها النوذجي في هذه الثقافة. وفي الثقافة العربية توجد الكثير من الكتب التي يشير اليها مثقفون عرب وغير عرب على انها كتب نموذجية تصلح للاستيعاب والاقتداء والتفاعل والاستفادة، كالقرآن الكريم ونهج البلاغة ملحمة كلكامش والف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، وكتب الجاحظ والجرجاني ودواوين الكثير من الشعراء وغيرها وهي كتب صالحة للمراجعة والقراءة المستمرة لمن يرغب في ذلك، كم انها انتجت كتبا تصلح للمراجعة والقراءة المستمرة، ويمكن ان تقدم في كل قراءة اضافات على ما تحقق في القراءات السابقة، الامر الذي ساعد على تعميق العلاقة بين الماضي والحاضر في الثقافة العربية، وساعد على وجود وبروز علامات مهمة في الثقافة العربية، وجعل من القراءة محفزا على انتاج الافضل والصالح للقراءة المستمرة في هذه الثقافة.

مشاركة