عن التوريث وأشياء أخرى

عن التوريث وأشياء أخرى
سعد عباس
للآن، لم يستوعب حكام وسياسيون عرب أنّ الجيل الجديد من المجتمع لا يكره شيئاً في الدنيا أكثر من ظاهرة الحكم من المهد الى اللحد التي زلزلت الأرض تحت أقدام حكام فتساقطوا وآخرين في الطريق.
أيْ نعم، ليس كل الساعين الى إسقاط الحكام يفكّرون بما يفكّر به الجيل الجديد، أو لديهم أهدافه النبيلة، كما أن الجيل الجديد نفسه ليس كتلة واحدة، ففيه اتجاهات وتطلعات وأحلام متباينة، ولبعضها مرجعيات متتناقضة.
لكنّ فكرة التحرر من الحاكم مدى الحياة أصبحت هي الأقوى، الى درجة اضطّر معها معتنقو مذاهب الحكم الشمولي الى استمالة الجمهور بأناشيد الديمقراطية والانتخابات وصناديق الاقتراع والتداول السلمي للسلطة.
رأينا هذا وسمعناه في العراق وتونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا. وسنراه ونسمعه في بلدان أخرى، أيضاً، آجلاً أم عاجلاً.
سيكون من المناسب أن يستوعب جميع الحكام والساسة العرب هذا الواقع الجديد، وإلا فإن مصيرهم سيكون أسوأ بكثير مما حلّ بصدام وبن علي ومبارك والقذافي وصالح، بل إن ما يجري في سوريا برغم التباسات إقليمية ودولية شوّهت ثورة الشام واغتالت طهر سلميتها وحوّلتها الى حرب أهلية لن يكون أسوأ مما سيجري في بلدان أخرى يركب العناد رؤوس حكامها وساستها ويتوهمون أنهم أقوى من تطلعات الجيل الجديد أو في منأى عنها.
المسألة ليست شخصية. فالجيل الجديد لا تستهويه عشيرية الحكم و قبلية البلاد ، الأمر الذي لا تصمد أمامه مقولات إن الحاكم الفلاني لم تتلوث يداه بدماء شعبه أو أن شعبه يحبّه ولن يثور عليه، هذا إذا سلمنا جدلاً بأن ثمة حاكماً عربياً تنطبق عليه هذه المقولات.
حتى في صفوف أنصار الحاكم ومواليه، ثمة أنفاس للجيل الجديد تتطلع الى هواء غير ملوث بالحكم الأبدي والتوريث، تختلف مع معارضيه حول الوسائل، وتفترق عنهم بحكم المصالح.
سيقولون نحن محميّون برضا القوى الكبرى. ونقول كان غيركم أشطر.
/8/2012 Issue 4270 – Date 6 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4270 التاريخ 6»8»2012
AZP02
SAAB