عندما يدخل الشخص عقده السادس – علي كاظم

عندما يدخل الشخص عقده السادس – علي كاظم

اليوم اصبح عمري 61 عاما

لم اصدق  وكذبت الخبر

واخرجت بطاقتي الوطنية فوجدتها

ايضا نفس العمر . ذهبت مسرعا الى الاحوال المدنية واستقبلني مقدم حيدر

معاون المدير ها سيدي خير

بس اريد اتاكد من مواليدي وعمري يمكن اكو خطآ . فتح السجل وقال سيدي تعال انت اقرأ

قرأت الاسم علي كاظم خضير

الديانة مسلم

محل الولادة بغداد

التولد 1961/7/9

شكرا عزيزي مقدم حيدر

وخرجت من دائرة الاحوال

وقررت أن اعود الى البيت مشيا على الاقدام وفي الطريق بدأت استرجع رصيد عمري وذكرياتي بفرحها وحزنها

طفل صغير

تذكرت  اول يوم في الصف الاول الابتدائي وجلوسي  على رحلة وأنا طفل صغير لا استوعب نشيد المدرسة يوم الخميس ” لاحت رؤوس الحرابي تلمع بين الروابي ” ولم افهم كلمة مدير المدرسة استاذ عادل وهو يطلب منا ان نردد ” فلسطين عربية فلتسقط الصهيونية ”  كنت كالببغاء اردد هذا الشعار وأحببت كلمة فلسطين دون أن اعرف سبب هذا الهتاف  لكن في الصف الرابع الابتدائي  فهمت معنى الهتاف عندما كنا نتبرع بعشرة فلوس ونشتري فيها طابع مالي لدعم القضية الفلسطينية التي كانت مغتصبة من اليهود وأصبحت شماعة للحكام العرب وشعارات كاذبة لهم للبقاء بالحكم وسلاحهم مكدس في المخازن لا نراه  سوى  في عيد الجيش  وفي القضاء على اي تمرد شعبي

انا مازلت طفلا  وعمري غير صحيح مازلت

اردد  ” دار .داران . دور ” كلمات خالدة في القراءة الخلدونية وأيضا قدري قاد بقرنا  والآن لا يوجد لدينا بقر وقدري هاجر الى اوربا ونزل البعير من التل بعد أن وجد بعض الحمير يتحكم في البلد

مازلت امشي على الرصيف واسترجع سنين عمري التي  رحلت وأبدأ اقسم عمري الى عشرات واسترجع احداثها

من عام 71 الى عام 81

في هذه الفترة أصبحت مدرك للأمور نسبيا ظهرت لدي موهبة كرة القدم وهواية المطالعة والكسل في درس الرياضيات والإنكليزي وبدأت اتابع الأخبار السياسية من والدي وشقيقي واسترق السمع من الآخرين ومازال  يدوي في مخيلتي  شعار المسيرات المدرسية ونحن نردد

للرئيس البكر ” يا ابا هيثم لا تهتم وحده ونفديه بالدم ” ولم اتخيل بعد 23 سنة اجد ابنه هيثم يقف أمامي  في طابور المراجعين لديه معاملة تأشير طلاق من الهام بنت حجي خير الله الطلفاح عندما كنت مديرا لجنسية الكرخ ونهضت من الكرسي وقلت له تفضل استريح أبن رئيس الجمهورية يقف في طابور المراجعين

في العشرة الثانية  من عمري

اتذكر سفراتنا المدرسية الى ملوية سامراء وعكركوف وأسد بابل في الحلة والصدمة الأولى في حياتي عندما سمعت معلم التاريخ يقول لنا ” هذا اسد بابل ” تقليد  الاسد الأصلي موجود في متحف اللوفر في باريس . كانت اول خيبة أمل في حياتي عندما علمت ان آثارنا سرقت وأغلبها موجودة في متاحف لندن  وباريس وعندما سافرت الى فرنسا عام 2010 ذهبت الى متحف اللوفر وأنا ابحث عن الاسد كأنه وطني المختطف  وقفت بجانبه وكلانا نعيش في الغربة وقد تكون غربة الاسد اقسى من غربتي فانا أستطيع ان ازور وطني اما هو سجين في هذا المتحف لا يستطيع زيارة موطنه بابل الا بترخيص رسمي

في هذه العشرة أيضا

اتذكر امتحان البكلوريا في الصف السادس الابتدائي والتقطت صور البكلوريا في ستوديو لصاحبها شخص مسيحي  في سوق الاثوريين لكن مع الأسف صاحب الاستوديو غادر العراق مكرها بعد عام 2003 اثناء الإقتتال الطائفي وإرغامهم اما دفع الجزية او القتل وهكذا غادروا اصحاب البلاد الأصليين  ديارهم  في جنح الظلام  بعد ان تركوا ذكرياتهم على الحيطان  وجذع الأشجار وضحكاتهم في عصرية كل يوم وهم جالسين على عتبة الدار

استرجاع ذكريات

لم اشعر في التعب وانا امشي واسترجع ذكرياتي

في عمر 15 سنة بدأت ادرك الامور وأقف امام مكتبة في الدورة اقرأ عنوانين جريدة الثورة والجمهورية واول كتاب في حياتي قرأته كان للراحل عبد الوهاب البياتي

كنت  لاعب كرة قدم موهوب وتوقع الكثيرين سيكون لي مستقبل في عالم الكرة خاصة ان بيتنا قرب بيوت نجوم الكرة العراقية ” عبد كاظم . مظفر نوري . باسل مهدي زوج شقيقتي ” وكان صديقي في هذه المرحلة ونلعب سوية في نفس الفريق الصديق اسامة نوري الذي اصبح لاعبا مشهورا فيما بعد ولعب لاندية الجوية والشرطة ومثل منتخب الشباب والوطني

مازلت امشي وحدي على الرصيف واسترجع الاحداث التي عشتها

عام 79  استلم صدام السلطة في انقلاب ابيض لا زال الكثير لا يعرف خفاياه ! في وقتها لم اكن مدرك الأمور بشكل جيد وكنت معجب بشخصيته ولم اعرف ان جسده وعقله لا يحمل سوى الشر والقتل واستعباد الناس حتى أنهى  العراق بحروبه وطغيانه ب احتلال بغداد من قبل بوش الابن  وجاءوا من بعده احزاب وسياسيين جعلوا البلد  اكثر خرابآ وفساد  مع سرقة كل شي سوى كان فوق الأرض أو تحتها وأصبحنا اكثر بلد في العالم فسادآ

وقبل ان اختم العشرة الثانية الممتدة من سنة 71 الى 81 تذكرت انضمامي لشباب نادي الشرطة ومعرفتي بالكابتن احمد راضي وكان عمره 15 سنة  ولعبنا سوية في دوري الشباب في ملعب الشعب والكشافة وباقي ملاعب المحافظات ولم نعلم ان هذا النورس الصغير الذي اصبح فيما بعد نورس العراق تخطفه كورونا ويرحل الى خالقه ومازال رحيله يدمي القلوب

وصلت الى منطقة السيدية وانا استرجع سنين عمري التي فاتت فوجدت احداثها تحتاج ايام للكتابة  . فتوقفت امام باب بيتنا القديم في السيدية الذي سكناها عام 1976 وجلوس امي وابي واخي  فيصل في حديقة البيت وجميعهم قد رحلوا

فتذكرت قول الراحل  عبد الرزاق عبد الواحد

لا تطرُق ِالبابَ.. تَدري أنَّهُم رَحَلوا?خُذ ِالمَفاتيحَ وافتحْ، أيُّها الرَّجلُ !

مشاركة