عندما يثرثر الضمير
عندما يُنَزِّل البارئ عَزَّ وجَلَّ البلايا والمنايا فَإنَّهُ يُنَزِّلُ مَعها الصَّبرَ والسِّلوان مما يُسَهِّل على المَرءِ حالَةَ النِّسيانعِندما يَعلو صَوتَ المِئذنة وَيَفرَغ صَوتُ المِحراب فإنَّ إمامَ الجماعةِ يَدخُلُ بِلا وضوء والمُصَلِّون لا يُجيدونَ العَّدوالقِبلَةُ في اتجاهاتٍ أربعة.
عندما يَكثُرُ دُعاةُ الدينوَيَقِلَّ المُؤمنون فلا يكونَ العَيبُ في أصلِ الدِّين بل في الدُّعاةِ والمُدعين ممن تَصدى ولم يُصطَف وَفَوضَ نَفسَهُ ناطِقَاً بإسمِ الرَبّ وهو من ألدِّ أعدائَه ِوعندما يَكثُرُ الحَصى على رأسِ الشيطانِلن يَتَمَكنَ من رفعِ رأسهِ لِيَرى عَوراتَنا.
عندما يَتَأسلَمُ المُتَشيطِنون وَيَتَـــــشيطَنُ المُتأسلِمون فأنَّ العِفَّةَ سَتَضطَرُّ للإنتحارِ على بابِ المروءةِ المُغلَق وعندما تَشتـــــَعِلُ نارُ الفتنةِ العمياء فَأنها تُحرِقُ يابِسَ الوطنِ وأخضَر َهو عِندَها يولَدُ من رحمِ تلكَ الفِتنةِ سياسيوا الصدفة ِلِيعتاشوا على بقايا رمادِ الأرضِ وخرابِها.
عندما تكونُ الحياة ُروايةٌ شَديدةُ التكثيف ِكثيرةُ التحريفِ يُقَتَلُ فيها الشريف ويُهانُ بِها العَفيف فإنها سَتكونُ مَضيَعةً للأوكسجين لا يَبقى فيها إلا المُفتَرِسُ الهَجين والضَّعيفُ المِسكين.
عندما يبحثُ المَرءُ عن الحِكمة ِفإنَّهُ لا يَجِدُها في حَشوِ الكلام ِولا في أفواهِ الحرامِبل إنها موجودةٌ في صَمتِ المواقفِ وثباتِها وعندما يُثَرثِرُ الضميرُ بين جدرانِ الصمتِ فإنَّهُ سَيظَلُّ أبكَمَ رغمَ امتلاكهِ لِسانِ الحقيقة.
عندما يكونُ هنالكَ تبرير للظلمِ والظالمِعلى أساسٍ طائفيٍّ أو عنصريٍّ أو حزبيٍّ أو يكون مبنياً على أساسِ الجهل فأن ثَمَّةَ خَطَرٍ يُحِدِقُ بالحقّ.
عندما تَنتَفِخُ أرصِدَةُ المسؤولينوتَرتَفِعُ (كُروشُ) المًقاولينفإنها أُتخِمَت على حِسابِ ملايينِ البطونِ الخاوية والمُلتَصِقَةِ على ظهورِ الفقراءِ والمساكينِ وعندما تَستشري حالةُ الأوساخِ في جيوبِ مؤسساتِ الدولة يجب أن تكونَ للورودِ كَلِمةٌ في حدائِقِ المُعتَصمين.
عندما ينسَلِخُ الأعلامُ من ضميرهِ المِهَني فَسَتَحِلُّ لُغَةُ (أكذِبُ أكذِبُ حتى أُصَدِّقَ نَفسي) وَشَرُّ ما يُضحِكُ في البليةِ أنَّ بَعضَ الأبواقِ الفضائية تَرتدي ثوبَ النِّفاق وتَضعُ على وَجهِها قِناعَ الحقيقةِ المُزيَّفة في أكبَرِ لُعبَةٍ تَنَكُريةٍ يَشهَدُها العالَمُأشبَهُ بِحَفلَةِ (الفيسبوك) الشهيرة.
عندما تَسودُ لُغَةُ الظلام ِوَتَنحَصِرُ لُغَةُ النُّورِيَطِلُّ وَجهُ النِّجومِ لِيُهتَدى بهعندما تُزّقزِقُ العصافيرُ وَسطَ زحمَةِ الإنفجارات فإنَّ للسلامِ صوتٌ أعلى من صوت الحروبعندما تَشرِقُ الشَّمسُ غَداً من المَغربِ حينها يولَدُ فَجرٌ جديدٌ يُصمِتُ كُلَّ ظلامِ الأمس.
تحسين الفردوسي – البصرة