على جسر الأئمة
(1)
في آخر يوم من آب
في آخرِِِ ظهيرة من صيفه اللهاب
طارت في الصحو نسمات خريفية
تقصده وترتمي لدى الباب
سقطن قبل أوان الخريف
معلنة مبكراً .. بداية الفصل المخيف
الذي اعتاد كثيراً .. قطع أوراق الشباب
تلك هي قصة حمامتين
داهمن وكر الغراب
رواها المذيع في كلمتين
رواها الموت في كتاب .. في خطاب
تلك القصة في دجلة
فامسكوا عن الشراب
قصة نجم يعربي في السماء
يشرب في الأفق الشراب
وتغطى برداء
من جلابيب الضباب
ثم غاب .. ثم غاب
وجهان ما استحى الموت منهما
وجهان غطامها التراب .. منه هما
ثم غيبهم وغاب
(2)
كان ياما كان
جسر يمتد كالشريان
بين القلب والرئتان
من صدر العراق الجريح
وضلوعه كانت .. قضبان
منه عبر الشيعة لباب المراد
وفيه قدم السنة القربان
وفيه أضاءت للناس شمعة
كعشق العنفوان .. تحترف الفداء
تمتهن التضحية .. وتعشق الولاء
علمتنا دروس .. في معاني الانتماء
أضاءت .. أنارت .. وفينا أثارت
دماء من الجمر .. لبقايا الانسان
تلك الشمعة البشرية
كان اسمها .. عثمان… عثمان …
أنبل ما في الزيتون من أغصان
حمامة خرجت من عباءة النعمان
سارت .. وطارت.. تظلل الأركان
فوق النار وفوق الدم وثورة البركان
غاصت .. وعامت .. في لجاجة بحر
طفح الكيل به .. والاحزان .. والاشجان
أنقذ شيخا .. إنتشل طفلا
وغطى بقميصه جثامن النسوان
وعاد للنهر عثمان
كعودة الفرسان
لكن الجواد كبى.. يا ثكلة الشجعان
عاد للنهر .. عريس النهر
بحلة العرسان.. وزفه لجنان الخلد
الكاظم موسى .. وأبو حنيفة النعمان
وفي الأرض ظلت حسرة
وظلت عيون منكسرة
وزوار غرقى ينتظرون
أن تمتد أيادي عثمان
يا سمي ذا النورين بوركت
يا زينة الشبان
الأعظمية تفقدك الليلة
وتفتقد طلتك الجيران
قد عادوا بك .. شعث عبر
وعلى أكتافهم جثمان
قيل لمن ؟؟
قال الصحب .. عثمان
سأعزي النفس ابشرها
أن فينا عثمان
وادعوا الله أن يرزقنا .. بمثلك يا عثمان
فشعب فيه عثمان ..
هيهات لن يذل .. هيهات أن يهان
(3)
محمد طفل بريء عمره
ما طاول السبع على الثمان
محمد يمشي الى الموت كأنه
طير من الجنان
آية منحوتة من سورة الرحمن
محمد يتيم الاب وله
خمس دونه من الاخوان
يسعا لكسب قوتهم
دون اقرانه من الصبيان
محمد كان فوق صورة الانسان
محمد .. كان
تلميذا نجيبا .. حاذقا لبيبا
نعم فهكذا .. محمد قد كان
وكان ياما كان ..
أينه محمد الآن ؟؟
محمد هوى .. عند ازدحام الجسر
وداسه الطغيان
محمد في النهر وقع
محمد للأرض رجع
طين حر .. تشربه الشطآن
كان جل همه
أن يرفع القران
أن ينقذه من تسارع الأقدام
فافتدى بصدره القران
وكانت على شفته تراتيل
من سورة الرحمن
فبأي عباد ربكما تقتلان
الشيعة والسنة يلتقيان
بينهما جسر لا يبغيان
فقطع الذكر من شفته
وجف اسم الله على اللسان
ارقد بسلام محمد
ونم هنيئا في روضة الجنان
نفذت منا الدموع يا ولدي
ففي كل يوم مآتم وأحزان
ضرغام أحمد- بغداد
AZPPPL