على المودة

على المودة
يعد البعض الموظة او كما يسميها آخرون ( المودة ) هي مواكبة العصرنة و الحداثة في كل ما يتعلق بحياة الانسان من أزياء او أثاث و حتى شكل الشخص نفسه كقصة الشعر و شكل اللحية و الشارب و وضع الوشم و ربما تصل الى شكل الانف و غيرها، فمواكبتها و تقليد أخر الصيحات في عالم المودة بات هم الكثير من شبابنا و راحوا يقلدون تلك التسريحة لهذا المطرب و ذلك الرياضي و ذاك الممثل و يغضون الطرف عن اي مقاييس اخلاقية او قيمية او حتى جمالية فبعض الاشكال من قصة شعر او شكل لحية أو زي معين لا يتناسب اخلاقياً مع قيمنا المجتمعية او ثقافتنا الاسلامية او تقاليدنا العربية لا بل لا يتناسب مع المعايير الجمالية للشخص نفسه و لكننا نرى تهافت الشباب و الشابات على تغيير شكلهم وملبسهم بأستمرار غافلين عن كل هذه المعايير و تقرأ في تصرفاتهم نوعا من التحدي للمجتمع و التمرد على قيمه و ضوابطه بدعوى الحرية الشخصية و مواكبة التطور و ربما تكون هذه النقطة هي من خصائص فورة الشباب و مرحلة المراهقة و لكن السؤال هنا هل هذا هو الصواب ؟
هل تمردنا على ما حولنا هو بضرب قيمنا الإسلامية و العربية ؟
إن الدافع الحقيقي لهذا التصرف هو ببساطة عملية إلفات النظر الى الذات عن طريق مخالفة المألوف .. و لكنه إلفات سلبي ينبيء عن فراغ كبير في الفكر و خواء في القيم فالتميز عن الاخرين يجب أن يكون عن طريق الإبداع و بناء الذات فكرياً و علمياً و أخلاقياً و من ثم التأثير الايجابي في المجتمع اي الاكتساب و التصدير للقيم الفعالة نحو التغيير .
لهذا نجد من يلهث وراء الموظة ( المودة ) و أخر صرعاتها و ويعدها من أهم اولوياته هو من يتسم بهذا الخواء الفكري ليلقي بثقله على تحسين الشكل دون المضمون و تلميع المظهر دون الجوهر ليعوض هذا النقص في الجانب الذي يصعب عليه تحصيله و هو الثقافة و الوعي و الروح السامية و الرقي بالاخلاق و السلوك و تستطيع بكل سهولة اكتشاف شخصيته الحقيقية و تعريته من مظهره من خلال أول كلمة ينطقها فينهار كل هذا الشكل المزوق و المنمق ليغدو صورة كاريكاتيرية مضحكة بعد ان تكتشف انه بخلاف الصورة التي رسمتها له و كأن هناك بونا شاسعا بين ما الشخص و بين الشخصية فالشاخص أمامك هو الصورة و الشكل أما الشخصية فهي الوعاء الذي يحتوي كل المعاني و كل الأفكار و التراكمات الثقافية و التربوية و الاسلوب في التعامل مع الغير و السلوك في المجتمع ،
و هذا ما تنطبق عليه المقولة المشهورة لإمام البلغاء علي ابن أبي طالب ((المرء مخبوء تحت طي لسانه لا تحت طيلسانه )) ،
و كما يذكر لنا التاريخ إن أحد الشباب من الأثرياء اصطدم بأحد الحكماء في الشارع و قال له مستصغراً : الا تعرفني ؟ فقال له الحكيم : ( تكلم لأعرفك ) .
فهي دعوة للشباب أن ينموا ثقافاتهم في كل المجالات الفكرية و الأدبية و ليخرجوا من نمطية الترف و الاهتمامات السطحية الى زيادة الهمة في التدبر بما يجري حولنا و الحوار الجدي بين الشباب في القضايا المحيطة بمجتمعنا و همومه على مستوى المجتمع و على مستوى الذات . قال رسول الله صلى الله عليه و اله : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ) .
علي فاهم
AZP02

مشاركة