عظمة الإمام علي (ع)
يا شاكيا غدر الزمان وكربه
ويا غارقا في الهم اعيته الحجج
دع عنك ابوابا تريد ولوجها
واقصد عليا طالبا باب الفــــرج
هكذا كتبت اقلام الادباء والكتّاب والشعراء عن تلك السيرة المليئة بالمزايا النبيلة، مزايا الحق والعدل والوجدان وغيرها، فلا نبالغ فيما نكتب او نقول من ان ربيب الرسول (ص) كان اول الائمة في زمانه وكل زمان لانه خير امام وخير مأموم .
لقد كان نابغة عصره، واشجع الرجال، فهو الذي نام على فراش الرسول (ص) ليلة الهجرة وتغطى بردائه مضحيا بنفسه في سبيل الرسول (ص)، وهو يعلم علم اليقين بان قريشا قد جمعت فتيانها لتضرب الرسول ضربة واحدة من قبل الجمع الكافر فتضيع دماءه بين القبائل وبذلك تنتهي الدعوة وصاحبها .
عاش تحت ظلال الرسول الاعظم (ص) يتعلم منه العلم ويفسر منه القران، ويأخذ منه الحكمة والادب والنبوغ، حتى علا شأنه وازداد علمه وفطنته، خطب سيدة النساء من ابيها وهو الذي كان يسمى فقير قريش، وقالت فاطمة عليها السلام في ذلك الوقت لابيها عندما اخبرها بذلك (كأنك ادخرتني لفقير قريش يا ابتاه ؟) .. وابتسم لها الرسول وقال :
(انه امر السماء يا فاطمة)
ذلك حوار الانبياء وتلك اخلاق اهل البيت : لم ترد الزهراء طلب النبي، فيمهر علي درعه الذي يتقي به ضربات الاعداء لعروسه الزهراء … ليتزوج علي (ع) بامر السماء لينجب للزمان سيدا الشهداء الحسن والحسين عليهما السلام . وعندما انتقل الرسول (ص) الى الرفيق الاعلى في جنان الخلد بعد ان اكمل للناس دين الاسلام:
(اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) صدق الله العلي العظيم.
رحل الرسول محمد (ص) الى الرفيق الاعلى تاركا الاسلام في احسن حال، وما هي الا مدة وجيزة حتى اضطربت الامور فيمن يخلف النبي بعد وفاته، فكان الامام علي (ع) زاهدا في الخلافة، ولقد رفضها عندما اجمعت الناس عليه تطالبه بقبولها قائلين : لا يصلح لها الا علي، وهكذا سيق الامام الى الخلافة ولا حيلة له في اجتنابها ورغم انه قال في خطبته (دعوني والتمسوا غيري فانا مستقبلون امرا له وجوه والوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول وان الافاق قد اغامت والمحجة قد تنكرت … الخ) .
لم يشهد التاريخ حكومة ارست قواعد الحق والعدل خير من حكومة امير المؤمنين علي (ع)، رغم ان معاول الهدم كانت تعمل منذ اول يوم تاسست فيه حكومة الامام، هذه الحكومة التي بشرت منذ يومها الاول في رغبة في التجديد والتغيير ودرء الجور واجحاف الباطل واعلاء كلمة الله، وكان الدستور هو دستور الاسلام الذي يوفر للرعية الامن والراحة والاستقرار ووضع الحق في مكانه وارساء دعائم العدل والمساواة، دستور حياة مستنبط من كتاب الله العزيز، وشريعة انصاف لا تقبل الضيم والجور للانسان او الحيوان .
كل الناس عنده سواء ما دام يربطهم دين واحد وامام واحد، فالحقوق عند الناس سواء يوقف القوي عند حده بسلطان القانون ويعطي الضعيف حقه بسلطان الدين وميزان العدل ولقد كان الخلفاء من قبله يستشيرونه في جلائل الامور وخفايا الحلول فكان لهم نعم الرأي ونعم المشورة .
تلك تأملات في سيرة الشهيد ابو الشهداء الذي عقد له لواء الشهادة ولابنائه من بعده، كانت حياته صراع الحق مع الباطل، وكل عظة من عظاته حكمة بالغة، لانها عظة الناصح والعالم المجرب الذي يشفق على الامن من الفتنة وعلى العدل من الجور والتقوى من الضلال، فكان كلام الامير امير الكلام .
استشهد امير المؤمنين (ع) بسيف مأجور وغادر، قتله ابن ملجم الملعون وهو ينادي للصلاة … وكانت اخر كلماته قبل ان يضرب .. ايها الناس الصلاة .. الصلاة . وكانت وصيته للحسن والحسين (ع) ومعهما بني عبد المطلب : (يا بني عبد المطلب، لا الفيتكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قتل امير المؤمنين، قتل امير المؤمنين، الا تقتلن الا قاتلي، واياكم والمثلة ولو بالكلب العقور، اوصيك يا حسن وانت يا حسين، اوصيكما بتقوى الله، ولا تبغيا الدنيا ولو تبغيكما، وقولا الحق، وارحما اليتيم واغيثا الملهوف، وكونا للظالم خصيما وللمظلوم ناصرا) كلمات تحمل الكثير من الوجد الموصول بحبل الله، سلام عليك يا امام الحق والهدى يوم ولدت ويوم استشهدت فبكت عليك الدنيا كلها طويلا وسلام عليك يوم تبعث حيا .
لفته عباس القره غولي
/8/2012 Issue 4272 – Date 8 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4272 التاريخ 8»8»2012
AZPPPL