مكاتيب عراقية
علي السوداني:
1
انسحب الوحوش الأمريكان وذيولهم الأوربيون المستعمرون ، بهدوء وعار وكسران عين ورقبة ، من الجحيم السوريّ الذي أشعلوه من غير حق أو ديمقراطية . تركيا العثمانية الذكية الشاطرة البراغماتية فعلت نفس الشيء ، فباست يد الدب الروسي القوي ، وزرعت عينيها ثانيةً على نفط وغاز وتجارة العراق المستهلك الأكول المريض . الخاسرون الأعظم في حفلة الدم الشامي الشريف ، هم حكام الخليج العربي الذين لم يخرجوا بعد من طور المحميات المهين ، وأحسبها فرصة ذهبية ممكنة جداً ، للهروب بنصف كرامة وماء وجه ، من المستنقعين البريئين الشامي واليمني ، بعيداً عن أحزان وأفران وخوان سماسرة مطبخ الجزيرة العطن وقرضاوياته القاتلة .
2
مرّت الاسبوع البائد الذكرى العاطرة لتأسيس جيش العراق الباسل الشريف النزيه البطل ، مروراً خجولاً مثل زفة يتيمة بعشيرة قساة . تبرّأ من ذكر اليوم الأغر هذا ، حتى كتاب وأدباء جريدة القادسية وحراس الوطن وما حولهما من موائد مؤقتة . ما زال عظماء الجيش وصناديده وصفوته المباركة من أهل النخوة والحمية ، أسرى في سجون وزنازين محمية المنغلة الخضراء . جريمتهم العظمى رغم التشويش والتشويه الشيطاني الممنهج ، هي مشاركتهم النبيلة المتدينة الرائعة السماوية الطيبة ، في واقعة كأس السم والزقنبوت الفارسيّ ، قبل نحو تسع وعشرين سنة بادت .
3
دول كبرى وعظمى وقوية وغنية مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وايران وتركيا والمانيا وايطاليا وغيرها ، هي وجيوشها ودكاكين مخابراتها وعسسها وشركات الأمن المرتزق ، موجودة فوق أرض العراق وسمائه ومياهه المثلومة . أحدث أسلحة الكرة الأرضية تستعمل وتختبر الآن على جسد بلاد ما بين القهرين ، ومع ذلك تواصل مفخخات ومحزمات المقملون المقطمون ، هرس أجسام العراقيين المساكين وهم على صباح الرزق ناطرين . كيف استطاع اذن صدام حسين المحاصر من كل صوب ، والمفلس وشعبه العليل الجائع وسلاحه القليل البسيط المتخلف ، أن يحموا البلاد من شر القاعدة والمخدرات وشياطين الأرض كلها ؟
4
اللعنة اللعنة اللعنة على هوليود الطائفية ، ودكاكين الدعاية ومواخيرها . يصطفونَ امرأة واحدةً شاهدةً وشهيدة . يصبغون وجهها بالحزن وبالدموع السخناوات . يُنصتون إليها بصبرٍ طويل ، حتى تحفظ النصَّ تماماً ، ثم يزرعونها على الشاشات ، من أجل إنتاج مظلومية جديدة ، تسيحُ على خواصرها الكثيرة ، دماءٌ لمْ تحنْ ساعتها بعد .