عدت إلى بغداد ولم أجدها – نجلاء قادر

عدت إلى بغداد ولم أجدها – نجلاء قادر

بعد ان وضعت الحرب اوزارها في بغداد ودخول البلاد تحت بطانة الاحتلال الاميركي ومشاهد الدمار التي خلفها قصف الطائرات للمباني والبنى التحتية وصور سرقة محتويات المؤسسات والبنوك والمتحف الوطني وتلك الفوضى العارمة التي اجتاحت كل مفاصل الحياة وجدتني امام امرين اما البقاء والبكاء على الاطلال والذي ربما ينتهي بي الى الهلاك او مصحة الامراض النفسية  او ترك مدينتي وبيتي وعملي وكل الذكريات للرحيل الى قمم الجبال ومنها الى اوروبا لاعيش مع عائلتي بسلام

ومازادني اصرارا لترك بغداد هو قيام ضعاف النفوس بزرع لغم في سيارة والدي المركونة على الطابوق في كراج المنزل والتي انتهت باضرار مادية جسيمة هنا شديت الرحال مع عائلتي الى مدينة السليمانية لعلي اجد ضالتي على من بامكانه تسهيل امرنا للسفر الى دولة اوروبية لنحظى بالامان .

محطة اولى

السليمانية مدينة كمارايتها لاول مرة اشبه بالعاصمة من حيث امنها وامانها وجمالها واستقرارها في التمانينات ولغاية التغيير الذي دمر كل شئ احبت نفسي ذلك المشهد والشعب المتلقي لكل محب لهم فما كان مني الا اتخاذ قرار اللجوء والبقاء تحت حماية القمم لتبدأ رحلة الف ميل بخطوة  الحصول على عمل ومصدر للعيش فكانت قناة الشرقية محطتي الاولى للعلم بكل ثقة واصرار نحو حياة بعيدة عن القلم والصحف المقروءة انا في شاشة الشرقية اول مراسلة لها من اقليم كردستان وهي حظوة ليست باليسيرة حظيت بها بعد ايعاز وموافقة من السيد البزاز  وكان اول ظهور في شاشة عراقية   وكان حينها لقاء مع المام جلال حين تسنمه رئاسة مجلس الحكم كاول رئيس للعراق بعد الاحتلال وكان لقاءا مفعما”بالصراحة والقوة واذكر حين سالته سؤال جرئ وكان فحواه جلال الطالباني هل انت امين ام عميل قبل ان يجيب ضحك وقال كيف تحبين ان اكون امينا ام عميلا”واستمر الحوار لاكثر من 55 دقيقة اعيد بثه مرات عدة واستمريت برحلة الشاشة لما يقارب ال 15عاما وبعدها كان اصراري على خوض التجربة في المجال الاذاعي لتضج شهرتي بعد نجاح برنامجي الصباحي صباحكم مع ام حسين من راديو دجلة حيث ذلك الجمهور المستمع الواسع داخل وخارج العراق كل تلك النجاحات لم تكن توثق الانتفاء لحاجتي لبغداد مدينتي التي هوت بها اجمل الذكريات بعد ماانقلب كل شئ لتأتي فرصة هي الفيصل بين ان احظى بحقوق ضاعت بين مزاج فلان وعقلية علان ماحرمني من التثبيت على الملاك الدائم طيلة سنوات عملي بسبب هروب اخوتي من الخدمة العسكرية بعد دخول العراق في الكويت ماجعلها تهمة مخلة بالشرف دفعنا ثمنها غاليا وهذا ماجعلني اعمل في مختلف المؤسسات بصيغة التعاقد والتس استمرت ليومنا هذا وقد يمن الله علينا لادخل موسوعة غينتس كاطول فترة تعاقد مؤسسات الدولة والقطاع الخاص وهكذا عدت الى بغداد لاجد ضالتي في شبكة الاعلام العراقي والتي كانت بحاجة لمعد برنامج صباحي في القناة الوطنية لم ارفض عرض رئيس شبكة الاعلام الشاعر الكاتب مجاهد ابو الهيل قبلت الامر بصيغة الاجر اليومي واضعة املي بيوم يأتي وتتحقق امنيتي بالدرجة الوظيفية التي تؤهلني للحصول على تقاعد نهاية الخدمة ليحفظ كرامتي كأنسانة وكموظفة قدمت الكثير في مجالها وهكذا انا في بغداد العاصمة بعد 18عاما وكلنت المفارقات كثيرة لم تعد الوجوه التي تركتها هي ذاتها اناس لااعرفهم في وسطنا الصحفي لايشبهوننا بكل التفاصيل وذلك المجتمع الذي تغير لونه وشكله وطريقة التعامل والسلوك قليل ترد سمعي مفردة الاسف والاعتذار عن اي خطأ سواء في الشوارع العامة او حتى اماكن العمل علاقات تشوبها الغيرة وسهولة الطعن بالاخر وعدم المبالاة بما يشوه وجه العاصمة الجميل ناهيك عن جسامة التلوث البيئي في كل مكان حتى تعبت عيني من صور اكوام النفايات في الاحياء.

 ونهايات الازقة والارصفة التي غلفها الجينكو بتجاوز اصحاب الدور على الرصيف بدل زراعته بشجر زرع بالجينكو والحديد والخشب ليضيف لمساحة داره مساحة التجاوز .

حي صناعي

وتلك الشوارع التي تشوهت بالحفر والطسات ولايدري السائق ينتبه لسائق امامه ام يثقب الطريق بعيون تقيه الحادث وتلك مداخل العاصمة التي اصبحت حيا صناعيا للفيترية والبنجرجية ومحال بيع ابواب الحديد والسكراب اما الحديث عن الجزرات الوسطية للطرقات فقد تعرت تملما من الثياب الخظراء اين الشجر واين البشر ماذا حل بالعاصمة التي كانت امنية لكل من يردها ان يعيش فيها والافضع هم باعة العتيك الماء الاورو وباعة الاجبات المتجولين في داخل الاحياء السكنية وهم يستعرضون بضاعتها بواسطة مكبرات الصوت بديل لحناجر التسعينات التي كلنت تخجل من الاساءة لاصحاب المنطقة السكنية ومااثار دهشتي تلك الروحية التي تسممت بجرعات عدم الحرص الوطني على الممتلكات العامة كالشوارع حيث يستخدمها سائقو ا السيارات بلا ضوابط  سياقة على الرصيف الذي لم يعد ملكا للمواطن غياب المحاسبة جعل التمادي علامة فارقة لايستغرب منها لاادري هل مطلوب من الجهات التنفيذية زرع شرطي في رأس كل شارع فيك يابغداد ليترجع المرء عن ارتكاب الخطأ والتجاوز ام ان ضمير الفرد هو من يكم كيفية التصرف اتجاه مدينته وليست الحدائق باوفر حظا من الشوارع والرصيف بل انها تعاني موت اشجارها المعمرة وقطع الكثير من اغصانها واهمال بساطها الاخضر دون ماء لتتصحر ومالفت اهتمامي  السلوك لبعض الافراد والعبارات الجارحة التي يسترقها السمع اثناء المرور باكثر من شخصين وقفا يتحدثان وسط الشارع وذلك الصوت العالي اثناء الكلام بالجوال الخاص او حتى الحديث بين شخصين وتلك ظاهرة وجدتها واضحة في المطاعم واماكن قضاء وقت جميل بصحبة الابناء للعشاء والاتعس هو صدور الصوت العالي من قبل الراشدين اثناء وقوفهم في الشارعاو في باصات النقل او اتثناء مرورهم بالاحياء السكنية او ملتقاهم امام ابواب بيوتهم حيث استبدلوا المقاهي والكازينوهات برصيف البيوت.

وتلك طامة كبرى كيف تسكتهم وقد يشهر احدهم تهديدك بالعشيرة والعصبة فلاتنجو من المأزق الاوقد غرمت ملايين الدنانير اذكر ان والدية كانا حريصين على ان نتعلم الكلام بهدوء والاستئذان قبل الدخول لاي مكان واحترام الكبير وحب المكان الذي نعيش فيه والكثير من وصاياهم هي صلب سلوكنا لغاية الان

الكثير مما رأيت لايسعه عامود اكتبه في الزمان انا احتاج مؤلف بمئات الصفحات لااسرد ماجعلني اقول انني عدت الى بغداد ولم اجدها.

مشاركة