عبد الهادي الخليلي يصدر مذكراته – ماهر جبار الخليلي
الانجاز والتميز والوفاء في رحلة الطب والحياة
تشرع جريدة الزمان بنشر مذكرات الطبيب الاختصاصي في الجراحة العصبية المعروف الأستاذ الدكتور عبد الهادي الخليلي المعنونة (رحلتي في الطب والحياة – سيرة حياة وذكريات طبيب من وادي الرافدين)، والرحلة مليئة بالمعلومات والوثائق والصور والذكريات على مدى سبعة عقود باربعة اجزاء قاربت بمجموعها 2500 صفحة.
يحوي الجزء االأول رحلة الدراسة ما قبل الجامعة ثم رحلة الطب وبعدها رحلة التخصص وعمله في اختصاص الجراحة العصبية في العراق. أما الجزء الثاني ففيه فصول بلغت الـ 16? في مجالات علمية وبحثية وثقافية متنوعة. وكذلك ما حدث بعد الاحتلال عام 2003 حيث إنشاء جمعية إنقاذ وتطوير بيئة وحضارة العراق وفيها كذلك قصة اختطافه. أما الجزء الثالث فاختص بعمله بالملحقية الثقافية في واشنطن وفيه خلاصة لنشاطاته الرسمية والعلمية والثقافية. وشمل الجزء الرابع تفاصيل منظمة توفيق التي أنشأها في أمريكا وعدد من محاضراته وندواته الثقافية، وكذلك هناك فصل وفاء وثق فيه ذكرى راحلين من أساتذته وزملائه، وأخيرا وثق ما جادت بحقه قرائح إخوة وأحبة له من شعر ونثر.
تخرج الدكتور الخليلي الأول على دفعته عام 1966 وحصل على زمالة كلية الجراحين الملكية البريطانية في أدنبره عام 1973? وماجستير فلسفة العلوم من بريطانيا 1984. مُنح جائزة الاستاذ الاول في كلية الطب عام 1994 وحاز على درع نقابة الاطباء عام 1995. منحه إتحاد الأطباء العرب عام 1997 جائزة افضل طبيب في الوطن العربي. والحديث عن انجازاته يبدا ولا ينتهي من كثرتها وتميزها.
مجالات علمية
ملأ الدكتور الخليلي حياة كل من تعرف عليه واحتك به عن قرب، ليس على مستوى عمله كطبيب ولكن في مجالات علمية وثقافية اخرى ابدع وتميز بها. فمثلاً في مجال الحاسبات والمكتبات كرمته جمعيتَي الحاسبات العراقية والمكتبات العراقية باحتفال خاص لخدماته في هذين المجالين.
عُرف عن الخليلي الوفاء الكبير لاهله وعائلته الاشمل، واصدقائه ولكن الوفاء لوطنه العراق كان الاعمق والاكثر تاثيرا في تحركاته، فعلى قدر من كونه ابا حنونا وفريدا من نوعه، فقد كان وفيا لعائلته ال الخليلي من خلال متابعة صغيرهم وكبيرهم، والسؤال عنهم واعطائهم المساحة الكافية من التشجيع والاهتمام.
ضغط اجتماعي
حاول بكل الوسائل التاثير والضغط اجتماعيا وسياسيا على السلطات بعد عام 2003 فقد كتب في الشهر الخامس الى الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن طريق الايميل رسائل شخصية بخصوص الوضع الأمني في العراق. نشرت المجلة الطبية البريطانية رسالته الى توني بلير. وبسبب التدمير الهائل للبيئة والمعالم التاريخية والتراثية توجه لإنشاء “جمعية انقاذ وتطوير بيئة وحضارة العراق” مع نخبة من كبار الشخصيات العراقية بلغت الـ 27 شخصية. منهم الدكتور حسين علي محفوظ والدكتور عبد اللطيف البدري والدكتور كمال مظهر والأستاذ فؤاد عارف والأستاذ سالم عبيد النعمان، والشاعر محمد جواد الغبان والعديد من المختصين من الشباب في مختلف مجالات الحياة. كان الهدف منها واضح من التسمية، وربما كانت سببا لاختطافه والمساومة بفدية مالية، وأجباره على مغادرة الوطن.
عندما تسنم منصب الملحق الثقافي في واشنطن عام 2006 ارتكز عمله على دعم جهود العراقيين في الخارج والداخل ومساندتهم للمساهمة في تطوير التعليم العالي والصحة في العراق. عقد مؤتمرات على أعلى مستوى منها مؤتمرا كبيرا لما يزيد على الـ 100 منظمة امريكية عاملة في العراق استضافته مكتبة الكونكرس الأمريكي عام 2008. كذلك جمعه لأكثر من 300 من الأكاديميين والمتخصصين العراقيين في أمريكا في مؤتمر عام 2009 استضافته الأكاديميات العلمية الامريكية وكرّم فيه ثلاثين شخصية علمية عراقية متميزة في الولايات الامريكية والعالم. كذلك كرّم أربعين شخصية عراقية علمية ممن بلغوا أو تجاوزوا الثمانين من العمر. أنشأ مشروعه الكبير “سوية من اجل العراق” تحت المظلة الرسمية ثم بعد تقاعده “منظمة توفيق” غير الحكومية لتحقيق ذات الهدف في خدمة التعليم العالي والصحة في العراق. حقق استقدام أطباء وباحثين من العراق في مختلف الاختصصات العلمية والإنسانية، فضلا عن ارساله مئات الآلاف من الكتب والمواد الطبية والأدوية وقاعة عمليات متنقلة وغيرها من مشاريع أخرى.
“رحلة الطب والحياة” لعبد الهادي الخليلي تمثل صور حياة اجتماعية، وأكاديمية وطبية فيها إخفاقات ونجاحات وذكريات وأحلام منذ الولادة وحتى التقاعد. وهي تاريخ مدن تبدأ من الكوفة والنجف وبغداد وإلى لندن وواشنطن، قلما تجدها في مذكرات اخرى بهذا التفصيل الدقيق والتسلسل السلس، كأنك شريكا في الرحلة تقرأها وانت مستمتع بها ومتفاعل معها خطوة بعد خطوة. الأمل أن تكون هذه المذكرات درسا لشبابنا في اتخاذ القرار وتخطي الصعوبات لبلوغ هدفهم.