عاشقة الليل

قصة قصيرة      (2)

 

عاشقة الليل

 

 

لقد بكيت كثيرا من اجل والدي الذي يشقى واخيرا هذه المرأة تسيء الى سمعته واسمه.. وعاد والدي من العمل مريضا وكنت اريد ان اطلعه على الأمر.. الا اني رثيت لحاله وسرعان ما تدهورت صحته.. وقد وافاه الاجل في تلك الايام.. واصبحنا تحت رحمتها وليس هناك من يوقفها عند حدها.. ثم اصبحت تستقبل في بيتها ذلك الذي ادعت انه شقيقها واصبح يلازمنا ايام وليالي وبات واضحا كل شيء وانكشف الأمر ولم تحاول ان تقول شيئا وكانت تغيب عن البيت كثيرا.. بعد ان تطلب منا التنظيف وغسل الملابس.. ثم اخذت تحاول اغرائي بشتى الوسائل حتى استقبل معها ممن يزورها.. وذات ليلة اجبرتني على ارتداء ملابس النوم وتركتني في غرفتها وسرعان ما دخل علي شخص حاول الاعتداء علي الا اني قاومته مقاومة شديدة وخلصت نفسي منه وكان عقابي على ذلك ان حبستني يومين في الحمام من دون طعام.. ولما وجدت لا فائدة مني استعملت اسلوب الاقناع معي.. وكانت المغريات كثيرة الا ان هناك شيئا بداخلي كان يمنعني من ذلك وكنت ادعو الله ان يحفظني اكراما لابي المسكين..

 

وكانت قد منعت اختي واخي من الذهاب الى المدرسة كما منعتني من مواصلة دراستي قبلهم.. واخيرا قررت ان اهرب منها واخوتي وكا لابد لي من ايجاد عملا حتى اتمكن من ذلك وكانت هي تستولي على تقاعد والدي وكان البيت ملكا لها.. ولم يكن هناك من يلجأ اليه من اقاربي حتى يتبنى امرنا..

 

حتى كان ذات ليلة قد طلبت مني ان ارتدي احلى ما عندي من ثياب لأن مساء عندها ضيوف مهمين تريد ان تعمل معهم بالتجارة ولما سألتها ما دخلي انا في هذا قالت عسى ان يراني احدا ويطلبك للزواج.. وامتثلت لأمرها حتى لا اكون في مشكلة معها. وعند المساء اعطتني قدحا من العصير وكنت اجلس معها ثم غبت عند الوعي ولم اشعر بشيء حتى احسست عند الفجر وكنت شبه عارية وشابا نائم الى جواري وقد نال مني.. وصرخت وبكيت ولطمت خدي وكان الشاب لايزال نائما والظاهر انه قد اثقل بالشرب فدخلت علي وراحت تهدئني وتقبلني واعدة بان كل شيء سيصلح وحسب رغبتي واخيرا سلمت امري الى الله وانا اتمزق من داخلي وهنا قررت ان اقف بوجهها مهما كانه الثمن.. وفعلا كنت في ثورة عارمة وطردت كل جماعتها اللذين جاءوا لزيارتنا.. وتعجبت هي لأمري وهددتها باللجوء الى الشرطة اذا حاولت ان تستقبل احدا في دارنا.. فاصبحت تخرج من البيت صباحا ولا تعود حتى المساء.. من دون ان تترك مصروفا لنا وقبل ايام خرجت ولم تعد ثانية وبعدها عرفنا انها قد توفيت بعد ان دهست بسيارة وهي تعبر الشارع ولقد نالت جزاءها العادل فان الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل وتنفسنا الصعداء ولا زلت واخواتي نعاني من شغف العيش ولا زلت ابحث عن عمل لاعانة اخوتي واليوم ذهبت لقبر والدي لاشكيه همي وما جرى معي.. كل هذا وكان سامي ينصت لها من دون ان يقاطعها وما ان فرغت من كلامها قال لها: حتى الان لم اعرف اسمك.. فقالت: لقاء.. فاجابها: اسمعي لقاء انا اسمي سامي.. وسأقف معك كأخ لا يهمه من الدنيا سوى حمايتكم ورعايتكم والله على اقول شهيد وانت لم تكوني سوى اختا عزيزة ويمكنك الاعتماد علي بعد الاتكال على الله.. وسوف اعمل على ايجاد وظيفة مناسبة لك.. والى ذلك الحين سأكون مسؤولا عنكم فقالت: وهذا فضل لا انساه ابدا والحمد لله ان الدنيا لا زالت بخير والله اعطاني على قدر نيتي فقال: ونعم بالله..

 

فأخذها الى دارها وقال لها بأنه سيزورها برفقة والدته وغادرها.. وعند المساء كان سامي قد عرج على الاسواق واشترى كل ما يلزم العائلة من طعام وكانت والدته برفقته وقاما بزيارة لقاء في دارها واستقبلتهم بحفاوة واخذ سامي ينزل ما اشتراه وهم يتناولون منه الاغراض.

 

وما استقر بهم المقام.. حتى تحدثت ام سامي اليها وقالت لها ان لا تهتم لأمر الدنيا فهي ستكون لها اما ثانية وسترعاها ما دامت على قيد الحياة.. وشكرتها لقاء وكانت بحاجة الى مثل هذا العطف والحنان فارتمت باحضان ام سامي وهي تبكي وام سامي تبكي معها وهي تردد: لا عليك يا ابنتي.. وسامي جالسا يلاطف الاولاد الصغار ويسألهم عن اسمائهم.. فقالت البنت انا اسمي آلاء اما الولد فكان اسمه علاء..

 

وطلبت ام سامي من لقاء ان تذهب عندهم مع اخوتها فقالت لقاء: لا يا خالتي احب ان اكون هنا مع اخوتي..

 

وتوالت الايام وكانت ام سامي كل يومين تطل عليهم وهي تحمل لهم كل مالذ وطاب وكذلك سامي كلما سنحت له فرصة يمر عليهم للأطمئنان وكان يبحث لها عن عمل مناسب. الا ان امه رفضت هذه الفكرة قائلة اذا ذهبت للعمل كيف ستترك اخوتها لوحدهم وكانت لقاء قد دخلت اعماق ام سامي لدمث اخلاقها ورقتها.. وطلبت من ولدها ان يتزوج بها فانها تجد فيها الزوجة المناسبة له.. وكان سامي فعلا يفكر بالأمر الا انه لم يصرح عما في اعماقه وطرحت ام سامي بما يخالجها الى لقاء وقالت لها انها تريدها زوجة الى سامي.. فقالت لقاء: وهل استطيع ان ارفض شخصا بشهامته.. الا اني وقاطعتها ام سامي قائلة: يا ابنتي لا تعودي الى الماضي فلقد عرفت كل شيء من سامي ولا ذنب لك بما حصل وفوضي امرك الى الله في ذلك وعادت ام سامي تقول لها: انت الأن ابنتي وانا من سأقوم بتجهيزك للزواج..

 

وبعد يومين اخذتها ام سامي واشترت لها نيشان يليق بها.. وقررت العائلة ان يسكن سامي معها في البيت من اجل رعاية الاولاد وقامت هي ببيع كل الاثاث القديم.. وتم شراء اثاث جديد لهم.. مع ترميم البيت وقد تم تجهيز غرفة العروس وتم تحديد عقد القران في المحكمة.. وذهبوا الى المحكمة وتم عقد القران هناك وكانت السعادة تغمر لقاء وام سامي اما سامي فكان يطير فرحا بتلك الأنسانة التي عشعشت في اعماقه منذ ان رآها..

 

وبعد اسبوع تم زواجهما وسط فرحة المعارف والاقارب وكانت حفلة رائعة كانت فيها لقاء متألقة وكأنها شمسا من الشموس وقمرا منيرا قد ادهشت الجميع بجمالها..

 

وكان سامي ينتظر الفرصة ليختلي بزوجته الحبيبة وبعد ساعتين من الزمن كان له ذلك.. واغلقت الباب عليهما فقال لها: تأكدي يا حبيبة عمري بأني ساعوضك عن ما مضى من حياتك.. وسأجعل منك اميرة حبي وايامي وحياتي..

 

فقالت: انا متأكدة من ذلك والله يقدرني على رضاك واسعادك.. فقال: ان وجودك في حياتي هي سعادتي لاني وجدت بك كل احلامي وكل ما كنت اتمناه.. وان الله سبحانه وتعالى قد اكرمني بك..

 

وهنا تقدمت منه والقت برأسها على كتفه وهي تهمس: يا حبيب عمري..

 

 

محمد عباس اللامي – بغداد

مشاركة