قصة قصيرة
عاشـق بلا هوادة
في إحد صباحات الشتاء الباردة أستيقظ من نومهِ متأخراً . فَفزِعَ مرعوباً وقال: لماذا لم يرنْ هذا المنبه اللعين ؟
ثم إنطلق يرتدي ملابسهُ بسرعة لكي يستطيع اللحاق بالباص الذي يقلهُ كل يومٍ إلى العمل .
فهو متأخر كثيراً لم يستطع حتى غسل وجههُ والإعتناء بتصفيف شعرهُ كما هي العادة التي يفعلها كل يوم .
ولم يفطر أيضاً! خرج من البيتِ مسرعاً وعينهِ على عقارب الساعة التي سبقتهُ كثيراً .
فقرر أن يركض قليلاً لكي يصل قبل إنطلاق الباص . فركض حتى وصولهِ مكان الوقوف وإذا بهِ يشاهد الباص قد رحل وتركهُ يلهثُ من التعبِ وصرخَ سحقاً لقد فشلتُ في الوصول.
فخفض رأسهُ لكي يلتقطَ أنفاسهُ قليلاً.
وإذا بصوت يقول تباً لقد فاتني الباص وهذا أول يوم ليّ في العمل!. فإلتفت وإذا بصاحبة الصوت فتاةً جميلة جداً ! قالت : صباحُ الخير هل أنت متأخر أيضاً؟
قال : صباح النور نعم بصراحة أنا متأخر هذا اليوم وهذه أول مرة تحدثُ معي !
إبتسمـــت الفتاة وقالت : أنا في حياتي كلها لم أستطع الوصول باكراً !!
فقال: لها مبتسماً أعرفك بنفسي أنا المهندس جمال أعمل في شركة GRS .
قالت : أهلاً وسهلاً بك وأنا الآنسة ريم علاقات عامة اليوم الأول لي في شركة GRS أيضاً!!
إبتسم الإثنان من دهشة الصدفة التي جمعتهم!! وقرر جمال أن يوقف سيارة أجرة لكي ينطلقا إلى مكان العمل .
فدار حديثٌ بينهما عن العمل في الشركة ومسؤوليها وكانت هناك بدايةً لنظراتِ الإعجاب المتبادل بين ريم وجمال .
حتى نهاية الدوام لليوم الأول وإذا بهما يلتقيان مجدداً في باص العودة! وهذه المرة ليست صدفة فالمهندس جمال كان يجلس بمقعدهِ والأنسة ريم وصلت وهي لا تعلم أين تجلس لأن الباص مليء بالموظفين. فنهض جمال مسرعاً لكي تجلس مَحلهُ ريم وهي مبتسمةً ، فقالت: لهُ شكراً جزيلاً . رد بخجل لا العفو لا شكر على واجب.
وظلَ طوال الطريق واقفاً حتى نزل الإثنان بذات المحطة. وكان الوادعُ سريعاً والنظرات والأمنيات بتكرار اللقاء.
فعادَ جمال إلى منزلهِ الصغير وهو فرحاً لم تفارق عيناهُ صورة الفتاة الجميلة ريم!
فجلس يرسمُ تلكَ العيون الجميلة التي أسرت قلبهُ . وكانت ريم قد وصلت المنزل متعبة من يومها الأول وبدأت بالحديث لأمها عن يومها في العمل .
لم تكن هناك حواجز كبيرة بين العاشقين جمال وريم
فبمرور الأيام يزدادُ حبهم لبعض،
ولكن كانت هناك عُقدةً وضعها المجتمع في طريقهم!! فلم يكن يعلم جمال أن ريم هي من طائفة أخرى وهي أيضاً لم تعلم بذلك!!
وعندما وصل جمال إلى أن يطلب ريم للزواج إصطدم بهذا الحاجز ووجد أهلهُ قد تثاقلوا من تلبية طلبه!
وأهلُ ريم قد كان جوابهم شبه محسوم بالرفض القاطع !!
حتى انحرفَ مسار العشق ليصل إلى بابٍ مغلق ولا يمكن إختراقهُ !!
فبدأت المعاناة تتزايد بين ريم وجمال حتى طلبت ريم أن تستقيل من العمل بسبب مضايقة أخيها الكبير .
وجمال لم يستطع أن يحرك ساكنا
وهو ينهارُ شيئاً فشيئاً وحاولَ بكل الطرق أن يقنع أهلها فلم يستطع!!
حتى إنتهى بيهِ المطاف بترك العمل بعد إستقالة ريم!! وظل مصدوماً يجلسُ في غرفتهِ الصغيرة يتابعُ رسم معشوقتهِ بطريقة سيئة وحزينة جداً إلى أن أصابتهُ الهستيرية وفقد عقلهُ !
وريم تابعت طريق حياتها بزواجها الإجباري من أحد أقاربها الذي يفوقها سنناً !!
وظلت تتألم في كل لحظةٍ من حياتها على فقدانها لذلك العشق الحقيقي الذي ذبحهُ المجتمع بأعرافهِ الظالمة .
خالد عبد الكريم – سامراء