طلال شاهين

طلال شاهين
العقوبة أم الإنتقام
هناك عقوبة تهدف الى التوجيه والاصلاح وتجاوز منطقة الخطأ والتخلص من عواقبه وعدم تكراره وعقوبة قد تدفع الى مزيد من الأخطاء وردود الفعل السلبية وحالات من الأعتراض والأحتجاج والتمرد، العقوبة الأولى تحمل بين طياتها المغفرة والعفو لأن من يفرضها مؤمن بأعطاء فرصة ثانية لمن تورط في الخطأ لأسباب بعضها نفسية ذات طابع شخصي وأخرى نتيجة لمشاكل أجتماعية وأقتصادية وعقائدية، العقوبة الثانية يعتقد من فرضها بأن الشخص المعاقب لا يمكن أصلاحه ويجب التخلص منه!ومن هنا تدور المناقشات المضنية والمعقدة في أقرار قانون للعفو العام في مجتمع لا يزال يعاني من تبعات الخارجين عن القانون والعنف الطائفي وتنفيذ أجندات اجنبية مشبوهه، عدم أيجاد تفاهمات حول هذا القانون يضر بمن يستحق العفو او رفع الظلم عنه لأنه أعتقل بشكل خاطئ، المتمسكين بحذافير القانون يصرون على اهمية تطبيق القانون لحماية المجتمع من المنحرفين فكريا ونفسيا ومن المجرمين الذين يسفكون الدم العراقي بلامبالاة،هناك ما يدعو الى تطبيق جوهر القانون ومحتواه وليس نصوصه ويرى بالقانون الحد الادنى من معايير التقييم اما الأخلاق فهي التي تمثل الحد الاعلى.
مفصل ثاني اثار الغضب الشعبي وتمت المتاجرة به من السياسيين هو قرار الغاء البطاقة التموينية وعده البعض عقوبة جماعية للذين يقطنون تحت خط الفقر وقد تتجاوز نسبتهم 20 بالمئة من سكان العراق وهو عدد ليس قليلا 7 مليون شخص هؤلاء حينما يتم الغاء البطاقة التموينية دون سيطرة الدولة على سوق المواد الغذائية سوف ترتفع الاسعار ولم تعد المبالغ التعويضية قادرة على توفير الكميات التي يستلمونها سابقا، أضافة الى عنصر التكافل الاجتماعي الذي توفره مواد البطاقة التموينية حيث الكثير من الميسورين يتبرعون بهذه المواد للأسر الفقيرة والمتعففة اكثر من أقدامهم بالتبرع بالاموال!! لذلك لاقى هذا القرار رفضا شعبيا مدعوما برفض المراجع الدينية ومزيدات رجال السياسة للنيل من الحكومة والمالكي دون أنصاف الايجابيات التي يوفرها تطبيق هذا القانون بما يتلائم مع طبيعة النظام الاقتصادي الذي أقره الدستور وتم الاستفتاء عليه وهو (أقتصاد السوق) وكذلك تفويت فرص الفساد التي صاحبت عملية شراء مفردات البطاقة التموينية وعملية النقل والخزن وتبديل المواد المستوردة بأخرى غير صالح للأستهلاك البشري، فبينما كانت الحكومة بكل أطيافها الحزبية تصوت بالاجماع على هذا القرار ويعدونه (عقوبة) تنزل على الفاسدين والمتلاعبين بقوت الشعب نرى احزاب الوزراء يتنصلون من تأييد هذا القرار ويصفونه (بالعقوبة الجماعية) للفقراء والمحتاجين!
من الناحية النظرية هناك أختلاف بين العقوبة والانتقام،العقوبة تنتهي حينما تحقق أهدافها التربوية والاجتماعية أما الانتقام فهو مستمر غير قابل للتوقف ،والانتقام يضيع أيضا حق المنتقم ويجعله يفتقر الى الجانب الانساني وهو غير مفيد للمجتمع لأن الانتقام يولد الحقد والكراهية ولا يحقق الاستقرار الاجتماعي والأمني ، وقد يمثل البعض الانتقام بالماء المالح كلما تم تناوله المنتقم أزداد عطشا، شعوب تخلصت من أخطاء الماضي بالتسامح والمصالحه مثل جنوب أفريقيا وما تحقق من تعايش سلمي بين البيض والسود رغم ما عاناه السود من تميز عرقي وعنصري لكن (مانديلا) وهو الاكثر المتضررين قاد المجتمع نحو الهدوء والاستقرار لأن المجتمع لا يمكن بناءه واعماره وهناك اشخاص فيه يتم عزلهم واستهدافهم، وهذا لا يعني غض النظر عن المخربين وهم موجدين في كل المجتمعات وهؤلاء يجدون انفسهم في أقتراف الاخطاء مع سبق الاصرار والترصد هم أقلية ودائما يجب تميزهم وعزلهم كما يتم فرز واستبعاد الفاسد من الفواكه عن السليم.
حمدي العطار
AZP02

مشاركة