طقوس الطقس – مجيد السامرائي
كان ضيفي القادم من دبي قد مدد يومين اضافيين على موعد مغادرته عمان بعد ان تجاذبنا اطراف الحديث في حوار ينتظر ان يبث بعد انتهاء موسم المربعانية القاسي .
ليس عندنا ثلج ولانعرف لون الضباب .. حتى لندن ذات السماء الرصاصية الان لاتحسن الكشف عن الزائر الطفيف الموسومة باسمه في اعاليها فوق ساعة بيغ بين .
يقول لي : كنت ارقب هطول الثلج وفقما ترصدته من طقس العرب ؛ لكنه كان خفيفا لم تتمسك به الارض .لاسيلفي اذا مع الجنرال الابيض.
في عمان ثمان دواوير – ساحات تجمع على دواوير ودورات كانها القارات ؛ في الخامس اشرقت ؛ وفي الثامن امطرت وفي السابع اثلجت حتى بكت ؛ وفي السادس سقط (حب العزيز) المعادل للحالوب (بالعملة العراقية الشتوية).
لكن وسط البلد الاقرب الى الاول غرقت حتى بربقت .. ومن هنا يبتاع الناس الكستناء وعلى سطح (الصوبة ) يحلو الشواء.كلنا نخرج من معطف غوغل الذي ليس له صلة قربى بغوغول. ذلك ان شغل الناس الشاغل هو الطقس ؛ الجميع يتقصى اخباره فاذا اكتست التلال السبعة بصبغة الشيب البيضاء ؛ عندها يحلو للاولاد الجري والرقص!
أنا لااحب الشتاء مع إني ابدو فيه اقرب الى شارلوك هولمز بقبعتي التي تماثل قحفية ديكينز …يعتقد الشعراء انهم الاوفر حظا لاغتنام الاربعينية الشتوية لكتابة نصوص وفيرة في هذا الفصل المطير.
(أيها المطرُ، يا صديقي المغفّل ، حذارِ من التسكّعِ على أرصفةِ المدنِ المعلّبةِ،ستتبدّدُ مثلي لا محالةً،قطرةً، قطرةً،وتجفُّ على الإسفلتِ،لا أحد يتذكركَ هنا،وحدها الحقولُ البعيدةُ،ستبكي عليك …عدنان الصائغ – عمان).
في المطر كلنا شعراء حتى لو لم نكتب الشعر، حين تضج أرواحنا بالفرح وبالشجن في اللحظة ذاتها . فرحون نحن وحزانى، كأن المطر يوقظ الأشياء الغافية في نفوسنا التي تريد لها مناسبة لأن تقيم أعراسها .
(نسختها لقد اعجبتني انها لحسن مدن ؛ اسمع به لاول مرة )كان شاعر جوال قداعرب لي عن اعجابه باطراف الحديث ووعدني ان نلتقي في ذروة المطر .. انه يكتب تحت درجة – 5 يعدني الان ان نلتقي تحت الشمس ؛ فصيف عمان مثالي جدا إحيله الى استشاري نفسي دون فحص سريري يكتب له جادا روشيته بثلاث حبات يتناولها بعد كل وجبة !
يلتفت إلي الطبيب جادا : انصحك بالخروج وأخذ جولة، حتى عندما يكون الجو باردًا وممطرًا، ثق بي حين اقول لك : أن استمرار التعرض لبعض الأشعة فوق البنفسجية، يمكن أن تساعد في تنظيم إيقاع الجسم اليومي وتحسين المزاج…
سقط المطر مدرارا اشعر الان كأني نسيت الكتابة !