طبق الأصل
سعد عباس
للبعض ذاكرة كذاكرة السمكة، لكنّ ذلك لا يعني إمكان تجاوز البديهات أو الوقائع القريبة منها والراهنة، ولا سيّما في عصر المعلوماتية الذي تتيح وسائله الحديثة استعادة المشاهد والوثائق والأحداث بالصوت والصورة بضغطة يسيرة على مفاتيح يوتيوب أو محرك البحث الشهير غوغل.
كشاهد عين من موقع الحدث على مشهد طبخ الدستور العراقي بعد 2003، وكمراقب دؤوب على مشهد طبخ الدستور المصري في الشهور الأخيرة، يمكنني القول باطمئنان وضمير مستريح أن المصريين كما العراقيين ضحايا لعبة خبيثة وماكرة تكاد تتشابه في معظم حيثياتها وتفاصيلها، ناهيك عن مضمونها، وأن أبطال هذه اللعبة هم قيادات الإسلام السياسي وحلفاؤهم.
وللتاريخ، فإن اللعبة تتلخص في اختطاف الواجهات السياسية لجماعات الإسلام السياسي فريق كتابة الدستور، واختطاف الواجهات العسكرية لها أصوات الجمهور.
في العراق، تبادلت جماعات الإسلام السياسي التي احتلت مواقعها في السلطة والجماعات الأخرى الإرهابية أو المقاومة الأدوار في إشاعة الخوف والعداء الطائفي، من جهة، وتكفير العلمانيين والليبراليين والقوى المدنية، من جهة ثانية، لتمرير دستور لئيم توقفت فجأة جميع أعمال العنف والإرهاب في يوم الاستفتاء عليه، لتستأنف حصد الأرواح البريئة بعد إقفال الصناديق.
وفي مصر، تبادلت جماعات الإسلام السياسي الأدوار ذاتها في اختطاف جمعية الدستور من جهة، وتكفير المعارضين، من جهة ثانية، وعدّ رفض الدستور رفضاً للشريعة وعداوة للإسلام، من جهة ثالثة.
وفي كليهما أي في العراق ومصر بات كل معارض لدستور هذه الجماعات من فلول النظام السابق حتى لو كان من رموز معارضة ذلك النظام، ومثلما جرى التشهير بقامات عراقية وطنية مناضلة يجري التشهير برموز بارزة للثورة المصرية.
في العراق، لم يتسنّ للجمهور معرفة شيء من دستور البلاد عبر وسائل إعلام مستقلة محايدة لأسباب عدة في مقدمتها الانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي. وفي مصر التي لا تعاني من أزمة الكهرباء، جرى ابتداع حيلة جديدة إعلان موعد للاستفتاء بعد بضعة أيام من سلقه .
وللحديث صلة.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من قول هكسلي اجلس أمام الحقيقة وكأنك طفل صغير، متحرراً من أي أفكار مسبقة، وإلا فلن تتعلم شيئاً ؟
جواب جريء
ــ قول سارتر أكره الضحايا الذين يحترمون جلاديهم .
AZP02
SAAB


















