طاقة أدبية.. شعر ونقد وكتابة

الدكتور عبد الاله الصائغ الحلم الأخضر

 

طاقة أدبية.. شعر ونقد وكتابة

 

 

زهير غازي زاهد

 

عبد الاله علي حمود الصائغ . الشاعر الناقد الباحث الاكاديمي ولد 1941 في النجف الاشرف .

 

دراسته الابتدائية في مدرسة غازي في النجف والمتوسطة في النجف (الخورنق) وفي الكوفة .

 

أكمل في معهد المعلمين في مدينة الأعظمية ببغداد وعمل في التعليم الابتدائي .

 

حصل على البكلوريوس من آداب المستنصرية ببغداد 1976 ثم الماجستير من آداب بغداد 1981 ثم الدكتوراه في الأدب العربي من آداب بغداد 1985 وموضوع اطروحته (الصورة الفنية معيارا نقديا ) .

 

للشاعر عبد الاله نشاط أدبي مبكر ففي سنة 1966 n 1967كان نشاطه مع الشاعر زهير غازي زاهد في ” ندوة الاداب والفنون المعاصرة ” وكانت هذه الندوة تقابل المؤسسة العريقة في النجف ( الرابطة الأدبية ) . وقد حركت أدباء الرابطة لاقامة مهرجانها الأول سنة 1970 بعد إقامة الندوة مهرجانها سنة 1970 ايضا وكان السيد مصطفى جمال الدين ، وهو رئيس الرابطة آنذاك ، يشارك في أمسيات ندوة الاداب .

 

وللصائغ نشاط تلفزيوني في سبعينيات القرن العشرين، فكان رئيسا للقسم الثقافي تلفزيون بغداد سنة 1974 .

 

أما عمله الأكاديمي فقد كان أول أمره في جامعة الموصل 1985 إذ عمل فيها بنشاط أدبي غير التدريس ، كما أشرف ودّرس طلبة الدراسات العليا فيها ، وحين نقل الى جامعة الكوفة عمل في كلية الفقه وشارك مع صديقه القديم الدكتور زهير في إنشاء كلية التربية للبنات 89/1990 فكان الدكتور زهير أول رئيس قسم للعربية فيها ثم شارك في تأسيس كلية الاداب فكان أول رئيس قسم فيها .

 

وعندما اغلقت جامعة الكوفة بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة سنة 1991 انتقل مع زميله الدكتور زهير إلى بغداد فكان هو في تربية جامعة المستنصرية وزميله في تربية جامعة بغداد .

 

وفي 1992 هاجر من العراق إلى ليبيا وعمل في جامعة الفاتح بطرابلس الغرب ثم إلى اليمن وعمل في جامعة صنعاء في العاصمة ، ومنها لجأ إلى الولايات المتحدة فاستقر في ولاية ديترويت ، وبعد احتلال العراق سنة 2003 وحصول التغيير كان له نشاط أدبي هناك في الكتابة والمشاركات الأدبية دُعي إلى الملحقية الثقافية في سفارة العراق سنة 2009 ليعمل فيها بعقد موقت ، عاد إلى ديترويت بعد انتهاء عقده وهو حتى هذا اليوم هناك . الصائغ طاقة أدبية في الشعر والنقد والكتابة، لكن هذه الطاقة بددتها ظروف العراق واضطراباته السياسية والاجتماعية ، كما بددت طاقات وغرّبت كفاءات أدبية وعلمية حتى لحظة كتابة هذه السطور ، فبالرغم من تغيّر الظروف بين مدة وأخرى بانقلاب حينا وباحتلال أجنبي حينا أخر ، وبصراعات دموية أحيانا ، لكنه في كل أحواله تسوده صراعات بين تيارات وكتل تشبه العصابات أعمالها ، فهي لها رؤوس كرؤوس الشياطين، كل رأس منهم يدّعي هو الأفضل والأعلى والأصلح من غيره، فلا يكون همه بناء الوطن وتقويم الدولة انما همه غلبة الآخرين للحصول على السلطة . هذه الحال دفعت الشاعر علي الشرقي ليقول قولته :

 

قومي رؤوس كلّهم أرأيْتَ مزرعة البصلْ

 

وهكذا هي حياة العراق موجات من الصراعات على التسلط والحكم ولا تتغير سوى شعاراتها ووجوهها في تغير العهود ، وهكذا يجري العراق يعبر المرحلة بعد الأخرى للوصول إلى قنطرة الأمل للعبور إلى شاطئ الخلاص ، لكنه لم يصل فنصيبه الانتظار والصبر دائما ، فثروته موزعة ومبددة أو منهوبة ، وبناؤه غير مكتمل ، ( كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ) الاعراف -38 .

 

فهدمت ما بنته سابقتها ، وبدأت من الصفر ، وهكذا يبقى العراق في أوضاعه المختلفة في دائرة الصفر، فالأمراء الذين يتسنمون الكراسي ومن حولهم هم الفائزون

 

” وللشعــــب صـــــــــوت الاذاعــــــــة

 

وللامة المبتلاة صنوف أغاني الشجاعــة ” كما قلت في إحدى قصائدي الغاضبة . هناك أغنية طريفة للملحن العراقي كوكب حمزة سمعته يترنم بها على مسرح جامعة البصرة حين نقلت من التعليم الثانوي اليها سنة 1970 ظلت ترنّ في خاطري دائما يقول فيها :

 

“كلما اكول اوصلت والكنطرة بعيده”. معناها:كلّما أقول وصلت لكن القنطرة بعيدة.

 

ينطبق هذا على حياة العراقيين ونبقى في انتظار الوصول !! انتظار الذي يأتي ولا يأتي.

 

أعود إلى صديقي الشاعر الناقد الصائغ الذي كلما استعرضت حياته رايته أشبه بالنابغة الذبياني الذي انبثق ابداعه بعد بلوغه مرحلة من عمره، فقابلياته الادبية تتجدد مع كل مرحلة جديدة من عمره الأدبي حتى وصل إلى الشيخوخة، لكنه بقي شابا في روحه وأدبه، كما أكد لي ولدي فرزدق فهو على صلة بالشاعر هناك في أمريكا، ولكن هيهات هيهات فعبق الشباب لم يعد إلا في حلم الشعراء .

 

بدأ الصائغ عموديا في شعره ثم اتجه إلى الحداثة مع ايمانه بأهمية الابداع في تراثنا الشعري ، وهكذا هو اتجاه المبدعين من الشعراء في النجف مثل السيد مصطفى جمال الدين ومحمود البستاني ومرتضى فرج الله وعبد الصاحب البرقعاوي وصالح الظالمي وكاظم البياتي وكاتب هذه السطور بل حتى من عاش في النجف كان له هذا الاتجاه مثل جميل حيدر ومحمد الهجري وغيرهم .

 

 

من أعمال الصائغ الابداعية :

 

عودة الطيور المهاجرة 1970

 

حلم بابل 1973

 

هاكم فرح الدماء 1974

 

مملكة العاشق 1981

 

وله كتب مهمة في النقد منها :

 

النقد الادبي الحديث وخطاب التنظير – صنعاء 2000

 

الزمن عند الشعراء العرب 1982

 

الابداع الادبي بين الواقع والتوقع 1989

 

من شعره :

 

من قصيدة له في المعلم ( نبي كل العصور – معلمي )

 

الناس تلقط ما نــثّـــــت عطايـــــــاه                    وتحتسي خمرة الذكرى وتنســـاه

 

وتنشد الحب في محــــراب لهفتــــــه                  واليأس ينبــــض في عينيـــه والآه يزهو بخاطرة مشبوبــــــة أبـــــــــــدا                         ويغرس الشوق في ود ويرعـــــاه

 

هو المهاجر في الائـــــــه انتفضــــت                 هياكل الليل لمـــــا ضــــج بيــــداه

 

من قصيدة ( انعكاس ) :

 

وقـــــالـــــت الــــزهـــــرة للبلبــــــل                   قرّب تر الأنجـــــــم في الجـــــدول

 

لقد أطــلّ الـوعـــــدهــــــــا اننــــــي                   ألمس كف العاشــــق الأجمــــــل

 

الشمس والأمواج كــــل النـــــدى                       مواســـم للبــــــــوح في منزلــــــي

 

وتمتـــم البلبـــــــــل يــا زهـــــرتــــي                 يا الف هــــذا الفــــرح المقبـــــــل

 

نحـن عــلــى مــــوعــــدنـــــــا الاول                  نحــــن على مـــــوعــدنــــــا الاول

 

( مجموعـــة مملكـــة العاشــــــق )

 

عـطــر

 

رشّني عطرا تجد صدري أندى

 

لا تقل شيئا

 

دع الصمت الالهي يُذِبْ دنياي

 

أهواء ووجدا

 

يصل الآن إلى عينيك رعد الروح والأمطار

 

والبرق الذي يزهر وردا

 

إنني البحر .. ينافيني هدوء السطح واللاشيء

 

تمضي سفن السر على طيني رأدا

 

رشّني عطرا وزدني مطرا

 

امنحك سهدا

 

*****

 

ســـؤال

 

ما الذي تكتب يا عبد الاله

 

والمدى الأخضر في عرس رؤاه

 

والأماني ومناديل الهوى

 

في ذرى الموت أغان للحياة

 

يا نجّي الشعر ما خيبتني مرة هل خيّب الصوت صداه

 

فاسكب النور على قافيتي

 

تلقني البسمة في ليل الشفاه

 

فأغنّي والثريا منزلي وأمنّي كل قلب بهواه

 

ريشتي الحلم وأوراقي الهوى

 

وسبيلي الورد والشوق صلاه

 

*****

 

– لــــو –

 

لو ينزل المطر ، لو مرة تغتسل الأشجار بالمطر

 

وحلة الغبار والتلف ، تنأى عن النجف

 

لو ينزل المطر .. أنزل للشارع عريان أغنّي

 

أيتها المدينة .. أتعبني الغبار والدخان والخزف

 

أرقني اللاشيء يدمي الشيء

 

يا هذه الغرقى إلى نهديك باللؤلؤ

 

والنبيذ والاشلاء والصدف

 

جئتك عريان لاعترف

 

 

 

{ من مجموعة سنابل بابل