فاتح عبدالسلام
أي خطوة صحيحة في الغاية والاتجاه عند تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ستنعكس على المسار المقبل في الانتخابات التشريعية. والنكوص والتمسك بالهياكل المهشمة، يعني ان السياسي لا يدرك ان دورة الحياة لا تتوقف، وانّ ما يراه في غير صالحه اليوم قد يكون في جانبه عند الانتخابات في المستقبل.
لكن، لا يزال الوضع العراقي لا يعرف كيف يتخلص من اثر الضغوطات الخارجية على استقلالية القرار الخاص بالقوى لكي تنخرط في مشروع وطني للخلاص من الوضع المتهالك في حقيقته والواقف في الواجهة لأسباب إقليمية ودولية ليس إلا .
الدول التي تتدخل في رسم الخارطة السياسية للعراق، عبر وكلائها السياسيين المعتمدين، من الممكن أن تغيّر رأيها في ليلة وضحاها وتضحي بأي سياسي في سبيل مصالحها. لكن اللوم لا يقع كله على الدول التي تتدخل، وانما يتحمل المسؤولية اشخاص محددون بالاسم يتيحون التدخل ويطلبونه بوصفه فرضا لا بدّ منه ومجالاً للتقوية والاستقواء معاً.
لا نزال عند نقطة، تجاوزتها جميع الدول التي لها سيادة حقيقية منذ عقود بعيدة. لا نزال في البداية المعيبة من حال التبعية السياسية لعواصم يتوهم سياسيون مهزوزون انه بيدها ان تغيّر الألوان، والوجوه، والمناصب، والاحوال. وهذا ليس صحيحا وما كان ليحدث لو انَّ أبواب السيادة العراقية محكمة الاغلاق.
ونعود لجوهر السؤال: ماذا تريد الدول عند التدخل في تشكيل الحكومة والرئاسات؟ ليس هناك من أسباب تخرج عن دائرة الرغبة في ضمان مصالحها من جهة، وضمان انَّ مفاتيح البلد ليست بأيدي أهلها حصراً، وانّ اللعب بالورقة العراقية متاح متى ما أرادوا تبعا لمصالح تلك الدول، وفي كل الاحوال، لن تتبلور اتجاهات وطنية بمعنى الكلمة، وسيبقى الوضع يدور في فلك رضا الجار الأيمن وسخط الجار الأيسر.
هناك اتفاقات خارج البلد، لا يريد أصحابها السياسيون ان يكسروها، وهم في طريق التشكيلات الحكومية الجديدة. حتى ليبدو بعض المفاوضين بين القوى في العراق يتحدثون بالنيابة، بل، بلغني انّ بعضهم في مفاوضات حكومات سابقة، واستبعد تغير العقلية والسلوك اليوم، يقول لخصومه حين يحرج في بند معين انّ الدولة الفلانية لا توافق على هذا وتريد ذاك، من دون ان تكون تلك الدولة في الغالب تعلم بما يستغله هذا السياسي من استخدام سيء لاسمها.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية