ضرورة أن تكتب قصيدة ـ عوّاد ناصر
وعليك أن تكتب قصيدة بينما تحتل صيحات الحرب آذان العالم وعيونه.. ولا أغنية حب على أية قناة فضائية.
ما نفع أغنية حب في ظهيرة الكراهية؟
لا بد من حل يا صديقي.
إن كتابة قصيدة في زمن الحرب هو أجمل الحلول وأفضلها عندما تكتشف صيغة جديدة للمقاومة وتمارس أسلوبك الخاص في فضح العالم ورموز لغته العسكرية
عندما يصبح خوض الحرب أبشع صيغة لحل المشاكل السياسية.
تعيننا القصيدة على استعادة أشياء مفقودة لكنها لا تعثر على أية جثة واحدة من مخلفات الحرب القديمة أو الجديدة.
هل هو الحنين، عاطفة ريفية، تستغرقنا جراء حاضر قاس ومغلق؟
بل هو نوع من الاحتراس كي لا تسقط الكلمات سهواً، أو عمداً، من الذاكرة فيفر القاتل من مكان الجريمة التي ستسجل ضد مجهول كالعادة بعض الشعراء يشاركون القضاة التمويه على المجزرة .
حكامنا لا يجيدون صناعة الحرب ولا السلام فهم مهزومون كل مرة وننهزم معهم سواء كنا في جيوشهم أو في بيوتنا.
مع ذلك ينبغي أن تكتب قصيدة يا صديقي
قلت لك ما جدوى الشعر والقنابل تدك خيالك وجدارك الأخير وفنجان قهوتك وصهيلك غير المسموع؟
أتذكر لحظة حربية كنت أختبئ، خلالها، في قبو محكم تحت الأرض، وكنت أرتعش خوفاً، فخجلت مرتين الأولى من زملائي الذين كانوا يقاسمونني ذاك القبو لم يرتعش أيّ منهم والثانية من نفسي لأنني أرتعش خوفاً من القنابل التي كانت تنهمر قريباً من قبونا.
الحرب في كلّ البيوتِ
وخالتي خافت على ابنتها التي اختطفت
على مرأى من الجيرانِ
قالت إنهم سكبوا حساء البدو في قلب الفتاةْ
الحربُ في طوفانها الثاني يقول القادمونْ
الحربُ قامت كالصلاةْ
والجيشُ عسكر عند مفترقِ العيونْ
كان المذيعُ يفلسف الطبقاتِ في البرنامج القوميّ ــ
جنديانِ يكتشفان بعضهما
أنا لكتيبة التموين منقولٌ
وأنت إلى الشمالْ .
مرت الطائرات بعد أن أدت واجبها وكشفت السماء عن مائها الأزرق الذي لم يكن أزرق، حتى بدأنا بإحصاء القتلى الذين قتلوا رغماً عنهم في حروب الطغاة.
قُتلت شجرة زيتون أيضاً بعد أن نزفت دمها الأسود على شكل حبات زيتون محترقة.
عادت الطائراتْ
عندما عادت الطائراتْ
انعطفتُ يساراً فكان الجميع نياماً
ارتعشتْ قامتي من جديدْ
وأبصرت أمي ومكتبتي وصديقي
تلك أمّي تقبل قاتلها
تلك مكتبتي فوق طاولة الشرطيِّ
ذاك وجه صديقي وقد ألبسوه شواربهم
ألبسوه قميص الجميع .
المقطعان الشعريان لكاتب السطور مجتزآن من قصائد كتبت عام 1982.
AZP09
