صندوق التقاعد – نورهان شيراز

نورهان شيراز

لم يترك المسؤولون الذين حكموا العراق للمتقاعدين سوى الويلات. يعاني صندوق التقاعد من انعدام الرقابة المالية الدولية، حيث لم يتم دمجه ضمن سياسات البنك المركزي العراقي أو صندوق النقد الدولي، مما جعله عرضة للنهب من قبل من هب ودب.

كلما واجهت الدولة أزمة اقتصادية، تلجأ للاقتراض من صندوق التقاعد. هذا الصندوق الذي بُنيت نواته الأولى من استقطاعات تقاعدية من رواتب الموظفين والعاملين في الدولة، فضلاً عن مبالغ الضمان الاجتماعي للعمال في القطاعين الخاص والمشترك، والشركات. بمعنى آخر، هو نتاج عمل أجدادنا على مدى تأسيس الدولة العراقية. ومع ذلك، تعرض الصندوق للنهب بطرق غير قانونية.

نحن نطالب بحماية حقوق المتقاعدين الذين أذلتهم الدولة بتقسيمهم إلى فئتين من التقاعد وفئتين من الرواتب. هل تعلمون أن العراق يعتبر رائدًا في هذا المجال من الفساد المالي وسرقة أموال موظفي الدولة وصندوق التقاعد؟ أصحاب الدرجات الخاصة والسياسيون يتقاضون رواتب وتقاعدات ضخمة، بينما يحصل الموظف العادي، حتى وإن كان حاملاً لشهادات عليا، على رواتب متدنية. هذا الظلم يمتد أيضًا للمتقاعدين والعمال الذين ساهموا بتوقيفاتهم وضماناتهم في إنشاء صندوق التقاعد.

يشمل هذا الظلم العسكريين والمدنيين على حد سواء، فضلاً عن حرمان العديد من الشهداء من حقوقهم. من الضروري النظر في أتمتة وتحديث قانون التقاعد وتصحيح مساره الذي لم يُعدل بشكل عادل، إذ تدخلت الدولة لتغيير مواده وتشريع قوانين موازية تخدم مصالح الطبقة السياسية. وكأن العراقي الذي بنى بلده أصبح معزولاً عن التطورات الاقتصادية التي أدت إلى إفقاره.

نتساءل عن مصير أموال صندوق التقاعد التي اقترضتها الدولة، مثل مليارات الدولارات للاتفاقية الصينية، والتي لم تُسترد أموالها للصندوق ولم نرَ الاتفاقية. كذلك المقاصة التي أُجريت لسد الرواتب نتيجة عدم إقرار موازنات في حكومات تصريف الأعمال.

التقاعد القسري الكارثي الذي أفرغ الدولة من الكفاءات، وعدم صرف نهاية الخدمة إلا لمن خدمتهم تجاوزت ثلاثين عاماً، يطرح تساؤلات حول معايير تطبيق هذا القانون وأين قانون الخدمة المدنية الذي تعتمده كل الدول باستثناء دولتنا التي أفرغت القوانين من محتواها. قانون العجر الصحي تم حذف الكثير من مواده، ما يطرح تساؤلاً حول الأسس القانونية لذلك.

إصلاح صندوق التقاعد يتطلب بناء واستثمار أموال المتقاعدين وفق قانون 60 لسنة 1961 مع تعديلاته قبل 2003، حيث كان منصفًا ولم يكن هناك قوانين موازية كما هو الحال الآن. يجب العودة إلى اعتماد قانون واحد للرواتب والتقاعد. إضافة إلى ذلك، تم سرقة أموال الضمان الصحي قبل سنوات.

قضية التقاعد تمثل هدراً لماء وجه أصحاب الشيبة البيضاء والعاجزين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية. على الدولة تحمل مسؤوليتها وإصلاح النظام بما يكفل حقوق الجميع.

 

مشاركة