صراعات دموية ـ سعد عباس

صراعات دموية ـ سعد عباس
… من المفيد للمنغمسين في صراعات طائفية في بلادنا العربية، في الوقت الحاضر، أن يتفحصوا التجربة المريرة للصراعات الطويلة التي عاشتها الطوائف المسيحية في أوربا فيما بينها، منذ أن أصبحت المسيحية دين الدولة الرومانية في القرن الرابع الميلادي.
اللافت في أمر الصراعات الطائفية أنها تتعكزّ على أسباب عقائدية لتفسير اختلافات الطوائف، لكنها في جوهرها خلافات سياسية يتم فيها تأطير مصالح المتنافسين بفهم كل منهم للدين أو تأويلهم لنصوصه.
تتسع الأديان كلها للاجتهادات الفقهية البشرية، ولهذه السعة حكمة ربانية لا يدركها المتعصبون، ويستخدمها المستبدون والجبابرة وتجار الحروب وسيلة لتحقيق أهدافهم في التسلط.
هذا هو الدرس الأول في الصراعات الدموية التي عاشتها الطوائف المسيحية في القرون الوسطى، فالانقسام الذي حدث في الامبراطورية الرومانية، بين القسم الشرقي البيزنطي وعاصمته القسطنطينية اسطنبول الحالية ، والقسم الغربي وعاصمته روما، وظّفه ملوك وأمراء لتمكين عروشهم وسلطانهم بتأجيج الصراع بين الطرفين حتى بلغ الأمر أن الحملات الصليبية الكاثوليكية هاجمت ونهبت وحرقت عاصمة الأرثوذكس، القسطنطينية.
لكنّ هذا الصراع الطائفي الدمويّ الذي أفاد ملوكاً وأمراء وتجار حروب عاد بالكوارث على المسيحين الكاثوليك والأرثوذكس، ليس لجهة الأرواح الكثيرة التي أزهقت ولا الموارد المالية الكثيرة التي بُددت، فحسب، بل لأنهم خسروا القسطنطينية، ذلك أن صراعهم منح الأتراك المسلمين سبباً مضافاً لإسقاطها في القرن الخامس عشر.
الدرس الثاني يقدمه الصراع بين البروتستان والكاثوليك في القرن السادس عشر، على خلفية الانقسام بين أوربا الشمالية الاسكندنافية الجرمانية الانكليزية بروتستانية ، وأوربا الجنوبية اللاتينية كاثوليكية ، كونه الأعنف والأكثر وحشية في تاريخ الانقسام الديني في العالم أجمع، بما انطوى عليه من حروب وعمليات إبادة لملايين الأبرياء بصورة تفوق الوصف، وفي قراءة لحرب الثلاثين عاماً كفاية لمن يريد أن يتعرف على كوارث الحرب الطائفية. وللحديث صلة.
سؤال بريء
ــ ما أبلغ من قول سكوت آدمز أن يتخذ القرارات مَنْ يملكون الوقت، لا مَنْ يملكون الموهبة.
جواب جريء
ــ قوله ليس أخطر من أحمق واسع الحيلة.
AZP07
SAAB

مشاركة