نذير الأسدي
حينما تصبح يوما ما مسؤولا….
ستجد طوابير من المهنئين والمباركين يذرفون الكلام المعسول والاماني والاحلام..وهم يحملون الكيك او الهدايا وشدات الورود…
ستجد مكتبك الجديد يغص بالمهنئين والمباركين…وحتى الحاقدين…بلباس المحبيين..
ستجد من حولك من يتطلع في قسمات وجهك لينثر الابتسامة والفرح والانشراح.
حينما تفوز بمنصب جديد ..
سيحيطك المحبين والكارهين لدرجة انك لن تستطيع تمييز فرحهم او حقدهم…
ستجد من يفتح لك باب غرفتك وباب سيارتك.. ومن يعطر مكتبك
ومن يمسح اكتافك من ذره تراب لامست ملابسك الأنيقة..
ستجد فنجان القهوة او الشاي
ساخنا.. معد فوق مكتبك…قبل ان يرتد طرفك لعينك
سيهتفون فوق راسك بأسمى آيات التهليل والتبجيل…
وسينعتوك باوصاف لم تعرفها من قبل..فتصبح لك اسماء جديده قريبه من أسماء الله الحسنى…
وحينما يحين وقت انتهاء
خدماتك…سوف لن تجد من المهنئين والمطبلين والراقصين حولك غير (فراش) المكتب وهو يلقي عليك تحية وداع ..بتثاقل
اما الباقون فيجلسون في مكاتبهم ينظرون اليك خلسة
من وراء زجاج او ابواب غرفهم.. وانت تودع مكتبك الكبير وتنظر بحسره لمغادرتك… فهم متشاغلون ويتهامسون ثم يبدؤون بحبك
طبخاتهم ويمنون انفسهم باحتلال عرشك الفارغ و ملأ كرسيك الوثير بالمال والدم ان تطلب الامر.
سوف لن تجد احد بانتظارك.. يفتح لك باب السيارة او باب غرفتك…ولن تجد من يطري عليك بكلمات رقيقات او ابتسامات وضحكات كاذبات..
ستذهب لبيتك وحدك وتجلس لوحدك ولن تجد من يلبي طلبك بكوب القهوة او الشاي سوى زوجتك او ابناءك…وهناك لاتجد من يسأل عنك او عليك…
ولن يزورك اي من المقربين..
ولن يتصل بك احد من الذين كانوا بالامس يقفون خلفك او يسيرون امامك…ويغص بهم مكتبك..
ستجلس وحيدا تقلب تاريخك..وتجتر ذكرياتك وتطالع التقديرات والتشكرات والمكافئات…التي تراكم فوقها غبار السنين والتي فقدت قيمتها واعتبارها..
ولن يزورك الا قريب او صديق الطفولة او من كنت معهم قبل احتلالك المنصب…
هؤلاء الذين تجاهلتهم وبعدت عنهم وتناسيتهم قبل ان تفتنك زخارف الدنيا عنهم فقط هؤلاء. من سيبقون اوفياء
وحينما تموت …
لن يقف على قبرك من يذرف دمعة او حسرة…
ولن تجد ممن كانوا حولك من جيوش جوقة العازفين..من يقرا الفاتحة او يسكب ماءا او يطعم العصافير التي تقف على ضريحك
سيجلس بعض الاصدقاء والمقربين مجلس الفاتحة يتضاحكون ويتبادلون الاحلام والاماني ويتسارعون لبيوتهم قبل ان ينهض القارئ ليتلو ختم فاتحتك
سيمر يوم او يومان او اكثر
حينذاك سيطوى ..
كل ما تبقى منك…
وهيبتك وجبروتك
وحتى أفضالك…
يسحبون سيارتك وحماياتك..ويخصصون لك راتب لتعيش به بقية أيامك
اما الالقاب النياشين
وهتاف المطبلين..
و صدى السنين
كلها ستكون….رمادا
تذروه الرياح
في يوم عاصف….
