شبابنا .. كونوا جديرين بالعراق – عبد الهادي البابي
الشباب في كل أمة..هم بمثابة عمودها الفقري وقلبها النابض ويدها القوية التي تبني وتحمي ، وهم مخزون طاقتها المتدفق الذي يملؤها حيوية ونشاطاً، وهم همزة الوصل التي تربط بين الحاضروالمستقبل، ومن هنا وجبت العناية بهم ، والحرص على حسن تربيتهم وإعدادهم…..كما ويعد الشباب وقوداً لحركات التغيير في كل المجتمعات ، لما يتمتعون به من حماسة القلب وذكاء العقل وحب المغامرة والتجديد والتطلع دائماً إلى كل جديد، والثورة على التبعية والتقاليد، إلاّ ما كان فكراً قويماً، أو تراثاً صحيحاً….ولهذا نرى أن جميع الأنبياء والمصلحين وأصحاب المشاريع التغييرية الكبرى كانوا يعتمدون على فئة الشباب…لأن قلوبهم ألين وأطوع ، فهي قلوب لم تتأثر بعد برواسب العادات البالية والتقاليد الخاطئة والأفكارالمنحرفة التي ورثوها عن محيطهم الإجتماعي …وعليه فنحن نطلب من شبابنا أن لايجعلوا همهم التمرد والعصيان ..وأن يبتعدوا عن فورة العصبية والطبيعة الغضبية التي نراها عند أكثرهم في المواقع والساحات وأثناء التظاهر والإحتجاجات.. كما ونتنمى عليهم أن لايسخروا ولايستهزؤا من عادات أهلهم وأعراف شعبهم فتلك نقائب كريمة توارثتها الأجيال وترسخت في قلوب الناس على مدى الدهور ..وليس من الصحيح إزدراؤها وإجتثاثها بسرعة أو بنقدها والسخرية منها بهذا الشكل الذي يستفز المشاعر ويوغل الصدور..وعلى شبابنا أن يشكروا الله كثيراً إذا أنهم ولدوا في زمان ديمقراطي يسمح لهم – على الأقل – بالتظاهر والإحتجاج والتجمع متى شاؤوا ومتى أرادوا …فنحن الجيل الذي سبقهم ماكنا نستطيع أن نتجمع ونتظاهر بوجود أجهزة السلطة الدكتاتورية القمعية التي كانت تستخدم الدبابات بسحق المتظاهرين وتقصفهم بالطائرات أحياناً كما فعلت قوات الطاغية صدام في الدجيل والنجف ومدينة الصدر وأعدمت كل من تظاهر ضدها وراحت تعتقل أهله وعشيرته وأخذتهم إلى السجون المظلمة مثل نكرة السلمان وغيرها ..فما كان بمقدورنا في ذلك الزمن أن نحتج أونجادل أونهتف بحريتنا وحاجاتنا في الساحات العامة مثلكم اليوم رغم حصول بعض الإعتداءات المؤسفة عليكم ..
فلتكن مطالبكم في حدود إصلاح النظام وتغيير الفاشلين ومحاسبة الفاسدين ..وأن لا تكون مطالبكم مجرد العبث والحرق والتخريب وغلق الطرقات وتضييق الحال على الناس ومضايقة الأجهزة الأمنية وشّل الحركة في الطرق والشوارع وحرق صور الشهداء وسب وشتم الرموز الدينية والوطنية فإن فعلكم هذا يأتي بنتائج عكسية وسلبية عليكم ويجعل الكثير ممن كان يتعاطف معكم يتخلى عنكم ويستهجن تصرفاتكم وينفّر منكم..!أحبتنا وأولادنا الشباب : أنتم مستقبل العراق ورجاله وقادته…والعراق بكل ثرواته وحضارته وتاريخه سيكون ملكا لكم في العاجل القريب..فكونوا جديرين بقيم وأخلاق وشرف وتاريخ ومجد هذا الوطن العزيز.