سياسة النعامة – كامل كريم الدليمي

سياسة النعامة – كامل كريم الدليمي

أعجبني كثيراً  المثل العراقي الدارج حولَّ النعامة فاستسقيت منهُ مقالي ، لانهُ ليسَّ ببعيد عن حالنا السياسي في العراق .

كُلنا نعرف المثل الذي يقول  (النعامة تغطي رأسها بالتراب وتطلع!!!!) ،

وهو اسوأ مالديها لكي تراه الناس وهيَّ لاترى شيء .

هكذا هم ساسة العراق ، منذُ عام 2003 بدؤا  بتغطية رؤسهم وإظهار الفعل السيء في عملهم السياسي واستمروا تدريجياً  الى ان اوغلوا بوضع  رؤسهم بالتراب  وظهرت كل عيوبهم في الاداء السياسي  ،

فبعضهم انتهجَّ العمل السياسي للتربح المالي والجاه ، وهو يغطي كامل رأسه في التراب كي لا يراهُ احد من الشعب الصابر المظلوم ،

والأخر اختار المنهج السياسي الذي يلبي طموح حزبه ومذهبه دون ان يكون ممثلاً صادقاً وشرعياً  لمواطن  اصبحَّ مصيرهُ مجهول ،

وثالثهم يعتقد ان الشعب وبعدَّ سبعة عشر عام اعتادَّ على سياسة الذل وامتهان الكرامات واللعب على اوتار الطائفية والقومية تارة ، وعلى الشعارات الوطنية تارة اخرى ، ليمرر  القرارات والقوانين التي تسمح له بالعودة بثوب جديد اقل قذارةً من الثوب الاول الذي اتسخَّ بسبب سوء الاداء .

اود ان اعلمكم ياسادتي وساسة عصرنا الأفذاذ عن شعبكم قليلاً والذي لاترونهُ لكنهُ يراكم ويبكي صمتاً .

ان شعبكم اصابهُ الجوع والألم والذل والمهانة والظُلم  ، كثير من شبابكم بلا عمل وهم خريجي افضل الجامعات ، وهذا يعني انهم بلا مستقبل .

اغلب ابناء شعبكم ياسادتي لايعرف مصير ابنائه المغيبين (هل هم احياء ام اموات ) والانتظار  اكل من اعمارهم الكثير .

ايها الأفذاذ من ساستنا الكرام يامن آثرتم على انفسكم ان لا تجلسوا  على طاولة حوار  “تتصارحون وتتصالحون”  من خلالها ، وتتناسون  رقصتكم العارية والخالية من اي نغم ، سوى صوت آنين الامهات الثكالى والزوجات الارامل والابناء اليتامى على من فقدوا من عوائلهم .

الشعب يموت وانتم ترفعون شعارات حب الوطن .

الشعب بلا خدمات

الشعب بلا مأوى

الشعب مهجر ومهاجر

تفشت الجريمة

وتهرأ النسيج المجتمعي

ودولتكم فقدت السيطرة

وجثث ابنائنا طفت على سطوح البحار بسبب هجرتهم الغير شرعية .

اما انتم  فحدثونا عن حب الوطن  ووجوب الذود عنه بالغالي والنفيس .

ألا تعلمون ان الشعب عشقَّ  العراق اكثر منكم ، لم يساوم على الوطن فدفع الدماء سخية ، ماذا قدمتم انتم للوطن ،

استعجلتم بالانتفاع  من التضحيات لتستمروا في ادائكم الفوضوي .

لاتوجد عملية سياسية في كل انظمة العالم الديمقراطية والدكتاتورية ، تستمر لمدة سبعة عشر عام دون  إنجاز  إلا انتم ، فتستحقون جائزة المهارة في التسويف وتغطية الفساد ،

اي صبرً ذلك الذي يتحلى به هذا الشعب الرائع العظيم  ، بلا كهرباء ، بلا ماء صالح للشرب ، بلا خدمات ، لا صحة ولا تعليم ممكن ان نقارنها قياساً باكثر الدول تخلفاً ، ومع ذلك الشعب ينتظر منكم الإنجازات .

وللأسف استثمرتم صبر ايوب على البلاء ، وتفرغتم لأدارة صراعاتكم    حولَّ المراكز الحساسة في الدولة  (ام الخبزة ) ، وكل واحد منكم يحاول تقديم نفسه على انهُ  القائد الرمز  والزعيم الاوحد ،

لا يمكن لشعب فاقد  الثقة بكم ،  ان يمنحكم صفة القيادة وانتم غير قادرين على تقديم الأفضل .

القيادة تضحية وإيثار وابداع

ولم تكن يوماً عبارة عن اعلام  يديره وعاظ السلاطين ، وبدلات وكرفتات من ماركات عالمية تتباهون بها امام الكامرات ،

ملابسكم واعلامكم لن يُحَسن من صورتكم البائسة ، ولن يُزين هيئتكم امام من تقطعت بهم السُبل ولا مُجيب لصرخاتهم .

أفعالكم وإنجازاتكم على الارض وفي خدمة الوطن والمواطن  هيَّ الكفيلة بأن تصنع منكم قادة .

ادعوكم ان ترفعوا  رؤسكم من التراب وتنظرون  لما يدور حولكم قبل فوات الآوان ، حينها  سترون شعبكم عبارة عن بقايا انسان .

لذا لاتوغلوا في الظُلم المقصود او غير المقصــــود ،

فالظلم ظلمات يوم القيامة .

مشاركة