سميرة منصور لـ(الزمان):أرسم دمشق بريشة والدي

حوار‭ – ‬كاظم‭ ‬بهيّة

وأكدت‭ ‬التشكيلية‭ ‬السورية‭ ‬سميرة‭ ‬منصور‭ ‬في‭ ‬حديثها‭ ‬لـ‭”‬الزمان‭” ‬أن‭ “‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬تمتعه‭ ‬بموهبة‭ ‬الرسم،‭ ‬فهي‭ ‬وسيلته‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الفرح‭ ‬والحزن‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يعتمل‭ ‬داخله‭”‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬أن‭ ‬موهبتها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬وليدة‭ ‬المصادفة،‭ ‬بل‭ ‬وجدت‭ ‬لها‭ ‬جذوراً‭ ‬عائلية،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬والدها‭ ‬هو‭ ‬الفنان‭ ‬التشكيلي‭ ‬السوري‭ ‬ياسر‭ ‬منصور،‭ ‬الذي‭ ‬لعب‭ ‬دوراً‭ ‬محورياً‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬هذه‭ ‬الموهبة‭ ‬وصقلها‭ ‬منذ‭ ‬الطفولة‭.‬

وأوضحت‭ ‬أنها‭ ‬بدأت‭ ‬تجربتها‭ ‬الفنية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬باستخدام‭ ‬قلم‭ ‬الرصاص،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬تدريجياً‭ ‬إلى‭ ‬الألوان‭ ‬الزيتية،‭ ‬مستلهمة‭ ‬من‭ ‬والدها‭ ‬الكثير،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬تقنيات‭ ‬الرسم‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬روح‭ ‬المثابرة،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬والدها‭ ‬كان‭ ‬يردد‭ ‬دائماً‭: “‬لكي‭ ‬تنجحي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬عمل،‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تكوني‭ ‬مقتنعة‭ ‬به‭”. ‬وتضيف‭: “‬تعلمت‭ ‬منه‭ ‬الصبر،‭ ‬وتعلمت‭ ‬كيف‭ ‬أتعامل‭ ‬مع‭ ‬الألوان‭ ‬بحب،‭ ‬وكيف‭ ‬أدمجها‭ ‬بانسجام،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أعتبره‭ ‬أساس‭ ‬أي‭ ‬تجربة‭ ‬فنية‭ ‬ناجحة‭”.‬

وشددت‭ ‬منصور‭ ‬على‭ ‬أن‭ “‬الرسم،‭ ‬بعناصره‭ ‬من‭ ‬فرشاة‭ ‬وألوان‭ ‬ولوحة،‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬فعل‭ ‬فني،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مرآة‭ ‬تتخطى‭ ‬الحدود‭ ‬التقليدية‭ ‬للغة‭ ‬والجغرافيا‭”‬،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يجد‭ ‬مكانه‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬رغم‭ ‬التحولات،‭ ‬قائلة‭: “‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬كان‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬مستمراً،‭ ‬وهناك‭ ‬فنانين‭ ‬يواصلون‭ ‬تقديم‭ ‬أعمالهم‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬مثل‭ ‬والدي‭. ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬نعيشه‭ ‬من‭ ‬حزن،‭ ‬فإننا‭ ‬نُصرّ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نعبر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬لوحاتنا‭ ‬عن‭ ‬جمال‭ ‬الحياة‭ ‬وفرحها‭”.‬

ورأت‭ ‬أن‭ ‬اللوحة‭ ‬التشكيلية‭ ‬أصبحت‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬الصورة‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬لدى‭ ‬شريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الجمهور‭ ‬العربي،‭ ‬إذ‭ ‬تمنحهم‭ ‬اللوحة‭ ‬بعداً‭ ‬إحساسياً‭ ‬يعجز‭ ‬عنه‭ ‬العدسة،‭ “‬فالناس‭ ‬باتوا‭ ‬يدركون‭ ‬أهمية‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي‭ ‬ويسعون‭ ‬لاقتناء‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬فيها‭ ‬روح‭ ‬وإحساس‭”.‬

وحول‭ ‬الموضوعات‭ ‬التي‭ ‬تتناولها‭ ‬في‭ ‬لوحاتها،‭ ‬قالت‭ ‬إنها‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬الواقعية،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬رسم‭ ‬الزهور‭ ‬والمشاهد‭ ‬المستوحاة‭ ‬من‭ ‬أحياء‭ ‬دمشق‭ ‬القديمة،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاختيار‭ ‬جاء‭ ‬بتأثير‭ ‬مباشر‭ ‬من‭ ‬والدها،‭ “‬فالزهور‭ ‬تمنحني‭ ‬دفعة‭ ‬نحو‭ ‬الحياة،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬ملامح‭ ‬دمشق‭ ‬القديمة‭ ‬قصة‭ ‬فنية‭ ‬متجددة‭”.‬

وأضافت‭ ‬أنها‭ ‬تتابع‭ ‬أعمال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬العالميين،‭ ‬ومنهم‭ ‬غوستاف‭ ‬كوربيه،‭ ‬لكنها‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬رسوم‭ ‬والدها‭ ‬واقعية‭ ‬خاصة‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬ذائقتها‭ ‬الفنية،‭ ‬وتلهمها‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬عملها‭.‬

وعن‭ ‬لحظة‭ ‬ولادة‭ ‬اللوحة،‭ ‬أكدت‭ ‬منصور‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬يبدأ‭ ‬لديها‭ ‬بشعور‭ ‬داخلي‭ ‬ورغبة‭ ‬عميقة‭ ‬بالتعبير،‭ “‬فأختار‭ ‬الألوان‭ ‬المناسبة‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬الموضوع،‭ ‬وأميل‭ ‬شخصياً‭ ‬إلى‭ ‬الألوان‭ ‬الحارة‭ ‬والترابية،‭ ‬لأنها‭ ‬ألوان‭ ‬قوية‭ ‬تمنح‭ ‬اللوحة‭ ‬كثافة‭ ‬وجمالاً‭ ‬استثنائياً‭”.‬

مشاركة