سميرة الخياط عاشقة الورد ومن قبله وبعده العراق‮:‬


سميرة الخياط عاشقة الورد ومن قبله وبعده العراق‮:‬
الفن ليس‮ ‬غاية وإنما وسيلة لمخاطبة الإنسانية

عمان‮ – ‬خولة ابراهيم‮ ‬
الفن لدى سميرة الخياط رسالة انسانية جمالية ترقى فوق مستوى العادي‮ ‬والاعتيادي‮ ‬في‮ ‬الكون فلها أنامل تحول العادي‮ ‬الى زخرفة جمالية تحوي‮ ‬عناصر متعددة‮ ‬،‮ ‬فترتقي‮ ‬بها الى مستويات عليا من الأناقة والجمال والابداع‮ . ‬
بدأت بعشق الورد الكائن في‮ ‬الطبيعة لتحوله الى لوحات من بعد معالجات تشمل التجفيف‮ ‬،‮ ‬وما‮ ‬يشبه التحنيط أو‮ ‬يتطابق معه بصورة أو باخرى لكن في‮ ‬سياق مختلف ومتميز‮ ‬،‮ ‬ومن ثم التكوين ليسر الناظر اليه وليشكل قفزة نوعية للزهرة والبرعم وغصن الورد من الأرض حيث هو مزروع الى الجدار كلوحة فنية‮ ‬،‮ ‬وهنا تكمن مهمة الفنان الذي‮ ‬يرى الأشياء بمنظار‮ ‬غير مايراه الانسان العادي‮ ‬،‮ ‬فكانت مهمتها تحويلية نوعا ما واستمرت رغم الصعاب على المستويين‮ : ‬الشخصي‮ ‬والعام في‮ ‬تحد كبير لا‮ ‬يعرفه الا المقربون منها‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬على هذا الدرب وفي‮ ‬هذا الاتجاه مناضلة فنيا وابداعيا‮ ‬،‮ ‬لم‮ ‬يوقفها المرض اللعين ولم تهزمها صعوبات الحياة التي‮ ‬مر بها كل انسان عراقي‮ ‬خلال السنوات الماضية‮ ‬،‮ ‬بل قاومت بكل شراسة من خلال الرسم والابداع والمشاركة في‮ ‬معارض محلية وعالمية كان آخرها المعرض الشخصي‮ ‬الثامن في‮ ‬بغداد عام‮ ‬2022 ? بعنوان‮ ( ‬القلب أضناه عشق الجمال‮ ) ‬،‮ ‬جسدت فيه نبض الطبيعة والبيئة العراقية من الشمال الى الجنوب‮ ‬،‮ ‬ولها أكثر من مائة وخمس وأربعين مشاركة في‮ ‬العراق وخارجه‮ ‬،‮ ‬ولها نقول ردا على عنوان معرضها‮ : ‬لا القلب‮ ‬يريد المزيد من الجمال ولايضنيه ذلك بل‮ ‬يزيده وهذا ما نريده منك ومن كل فنان‮ ‬يعشق الريشة واللون‮ . ‬
ترسم بالزيت والماء وتشكيلات الورد‮ ‬،‮ ‬كما أنها عضوة في‮ ‬العديد من الجمعيات والنقابات منها جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين ونقابة الفنانين العراقيين‮ ‬،‮ ‬وسفيرة للفن التشكيلي‮ ‬في‮ ‬ثلاث أكاديميات فنية عربية اضافة الى عضوية الأكاديمية الامريكية‮ ‬،‮ ‬وكانت قد عملت في‮ ‬شركة نفط الشمال كمدير أقدم ومسؤولة المؤتمرات والندوات والدورات‮ ‬،‮ ‬وحقيقة في‮ ‬سيرتها الشخصية العديد من العضويات الفنية العالمية التي‮ ‬لا‮ ‬يتسع المجال هنا لسردها خاصة‮ ‬،‮ ‬ونحن بصدد الخوض في‮ ‬ابداعاتها‮ .‬
‮ ‬زهور طبيعية
‮ ‬وقد بدأت الرسم بلوحات الزهور الطبيعية لمختلف المدارس‮ ” ‬اليابانية والانكليزية والصينية‮ ” ‬،‮ ‬لها تاريخ طويل في‮ ‬الفن حيث بدأت عام‮ ‬1982 ? وكانت أولى رسوماتها بالفحم والزيت بعد تخرجها من الجامعة‮ ‬– بكالوريوس اللغات الأوروبية‮ ” ‬الانكليزية والفرنسية‮ ” ‬،‮ ‬وكان اهتمامها قبل الرسم بالديكور الداخلي‮ ‬للمنازل‮ ‬،‮ ‬وبدا تأثرها بالمدرسة الانطباعية في‮ ‬مرحلتها الاولى لكنها تمرست فيما بعد وخاضت مدارس عدة‮.‬
وانطلقت نحو تجارب مختلفة في‮ ‬الواقعية والتجريبية والتعبيرية‮ ‬،‮ ‬وشعارها كان دوما التصدي‮ ‬للفناء والموت والنسيان بالجمال والفن‮ ‬،‮ ‬اذ هو الفن وحده الذي‮ ‬يمدنا بالحرية والانطلاق دونما قيد‮ ‬،‮ ‬ويشدنا للبقاء ومقاومة الصعاب والتغلب عليها‮ ‬،‮ ‬وهو الذي‮ ‬يخلد الحياة والحيوية في‮ ‬الكائنات انسانية كانت أو طبيعية أو تراثية‮ . ‬سميرة الخياط كان شاغلها الأول العراق فعملت على تمجيده باظهار جماليات طبيعته ومكوناته الآثارية والتراثية بألوان براقة جذابة وعناصر‮ ‬غنية ثم تطور هذا الشغف الى التاريخ والحضارة‮ ‬،‮ ‬وهما في‮ ‬العراق أغنى منهما في‮ ‬أية بقعة اخرى في‮ ‬العالم رسمت لوحة أو بالأحرى هي‮ ‬جدارية كبيرة لحضارات العراق منذ بداية التكوين‮ ‬،‮ ‬فجمعت سومر وبابل وآشوروأكد‮ ‬،‮ ‬وهي‮ ‬تؤكد أن الحضارة العراقية قامت على الابداع في‮ ‬شتى الفنون كما تؤمن بأن الفن ليس‮ ‬غاية في‮ ‬حد ذاته وانما وسيلة لمخاطبة الانسانية‮ ‬،‮ ‬وتؤمن بأن الفن هو التعبير عن قناعات الانسان‮ ‬،‮ ‬وهو نبض الروح واحساسها بالجمال في‮ ‬الطبيعة والحياة عموما‮ . ‬
سمــــــيرة الخياط خاضت معركة قاسيـــــــــة وصعبة في‮ ‬مواجهة الضعف والسلبيات والفناء والظلام لتســـــــجل بانتصارها صورة ايجابية ابداعية زاخرة بالحياة والعطاء والانســـــانية‮ ‬،‮ ‬فعلا الفن حياة والابداع خلود‮ .‬

مشاركة