سليمان علي رسام من كردستان العراق يعنى بالطبيعة

سليمان علي رسام من كردستان العراق يعنى بالطبيعة
سلطة الشكل في التجريد التشكيلي
وهبي رسول
إن وجهنا تقصينا نحوولادة البدايات في العمل الحداثوي في حركة الرسم في الوسط الفني لمدينة دهوك ، حيث ان خلفية وتأريخ العمل الفني فيها ليس بذي جذور عميقة بالإضافة الى تلك البدايات التي تستحق الوقوف عندها، مثل الفنان سعدالدين سعيد باتي الذي خطى الخطوات التمهيدية الأولى لها خلال أواخر الثمانينات وبداية التسعينيات القرن الماضي. فأن التجارب الجمالية التي تستوقفنا بعد تلك الخطوات التمهيدية، هي تجارب الفنانين عبدالرحمان وحيد كلحووسليمان علي وقلائل أخر . هؤلاء الفنانين هم مثبتي العمل بالحداثوية الفنية في الحركة الفنية لهذه المدينة، إن كان عبدالرحمن كلحو هوفنان متخرج من الأكاديمية الفنية، فأن الفنان سليمان علي هوفنان هاوي حيث قام بتطوير قدراته وامكانياته الفنية الذاتية بنفسه، حيث طور رؤياه وعمله وذهنيته الفنية بالرغم من الجمود والسكون السائدين على الوسط الفني هناك في تلك الآونه وعلى الأخص قبل تأسيس معهد الفنون الجميلة سنة 1992 .
طور القراءة
كانت بدايته تنبع من مجموعة من التجارب البسيطة المتأثرة بالأساليب الفنية السائدة آنذاك الواقعية، الأنطباعية والتعبيرية شكل 1 2 3 . في جميع هذه الأنجازات الفنية مع إختلاف أسلوب العمل، هناك ظاهرة تتمثل بوضوح، وهي قرب الفنان من الطبيعة حيث ترافق جل أعماله ومراحله، ولا تفقد حضورها برغم تطرق الفنان الى بعض المواضيع الأخرى في أحيان قليلة. فان أعمال الفنان الأخيرة حيث تنتمي أكثر الى أواخر التسعينيات، توجه حضورها نحوالطبيعة بمستويات ودرجات أكثر بكثير، فبعد هذه الفترة من العمل، تبدوالطبيعة المرجع المهيمن الوحيد الذي يسلط حضوره على كافة أعمال الفنان ولكن بأختلاف ظاهر ومحدد حيث لم تعد الطبيعة وحدة كلية، وإنما الرؤيا وعمل الفنان دخل طور القراءة الجزئية للطبيعة، ففي هذه الدورة من العمل الفني إن استطعنا أن نسميها هكذا ينجز الفنان جل لعبته التجريبية على عنصر واحد ووحدة واحدة وهي وحدة شكل الورد أنظر ألأشكال 4 5 . قبل أن نتطرق في حديثنا ال اللعب باللعبة التجريبية لهذه المجموعة من الأعمال الفنية المنجزة. فهذه المجموعة من الأعمال الفنية من منظور أعماله الفنية الحالية منجزات الفنان في مراحلها ألاخيرة ليست إلاً جسرا من إعطاء القدرة على الترابط والتمهيد لتحقيق مرحلة عمله الحالية، فهنا مثلما يستوقفنا حب العمل وتحقيقه، تستوقفنا أكثر بكثير اللعبة التجريبية الفنية باتجاهات مختلفة للتنفيذ التقني الفني على قلق الثبوت وتردد تطبيق الرؤيا والعمل، مثال، ان هوية شكل الورد نفسها كوحدة مشير اليها في النص الفني في بعض اللوحات هي هوية أيقونية وفي البعض الآخر تتجه نحوفقدان الهوية الوصفية لذلك الشكل. أنظر الأشكال 6 7 . ففي هذا المضمار، إن ألأعمال المنجزة بالألوان المائية مساعدة في أخذ حرية التنفيذ التقني لتحقيق مثل هذا الخطاب الفني أكثر من العمل بالألوان الزيتية، وهذه يعود الى طبيعة القدرة التقنية لذات الألوان المائية نفسها، حيث ان في انجاز الجوانب التقنية لهذا اللون، في مثل هذه التجارب احترام خطاب التقني لمباشرية الشكل تفقد قيمتها، فهنا يعمل الفنان على انجاز تلك الوحدة الوردة كمفهوم عام ولا يجسد وردة مرئية، ضمن هذا التغيير التقني غالباَ ما تشمل النظر الى النص البصري ذاته، ما معناه ان نظام قانون جاذبية الأرض الذي يلعب دوراَ في تحديد القواعد في الأعمال الفنية والمنجزة في بعض الأعمال الفنية يحس به بصراحة ووضوح وبساطة، ولكن هنا ومع بعض أعماله الأخرى في هذه الفترة، يتفكك ولم يعد ذات أهمية للمتلقي كيف ينظر الى العمل الفني، أي بأي اتجاه عمودي، افقي، أوبالعكس وهذا كبداية لفقدان إحساس المتلقي المباشر بالمكان وفي نفس الوقت كبداية لجعل الأعمال الفنية ثنائية الأبعاد وفقدانها لحضور عنصر الزمن في تلك الأعمال، وأيضا هذا في حد ذاته تفكيك للحضور النسبي في خدمة وتحقيق مطلقية البعد في النص البصري، وهذا كلياً مع تجزئة الرؤيا الكلية للطبيعة، الذي في حد ذاته هوتفكيك أحادية المركز لوحدة كلية وتمركز وحدة هامشية لتلك الوحدة الكلية توقع وتمهيد للدخول الى رغبة التنفيذ وانجازات تجريدية، الى هنا ولايزال الشكل ينفذ سلطته المهيمنة اللامتناهية والى اخر أعمال الفنان الحالية، أنظر الأشكال 8 9 . حيث ان الشكل في حالة فقدانه لهويته المباشرة، لايزال حضور مفهوم التجريد هوحضور عملية ذلك المفهوم وليس ذات المفهوم نفسه.
لحد الآن الطبيعة ــ الورد تعيد تفعيل هيمنتها وتوجيهها الى المتلقي وان كان بحضور خفي غير مختف. ويعمل على أن يكون الخطاب المعنوي في مرحلة ما قبل أعماله الأخيرة محدداَ ومغلقاً لأي خطاب يحمل أبعاد حياة البدائية أوالعودة الى بدائية الوجود الأنساني، والتمرد على الحياة المبنية على تمدن البشرية وأية قدرات معبرة أخرى التي تدور حول هذا المحور الرئيسي، بمعنى آخر، فأن الفنان قام باكراً بحسم قضيته مع الجانب التقريري والمعنوي البلاغي في سياق نصوصه البصرية لمصلحة تخصيص وتفريغ نفسه للتعامل ومعالجة الجانب التقني الأسلوبي، وان هذا التخصيص أدى الى وقوع الفنان في لعبة التجريب التقني من غير وجل من وصول بث قدرة نص المعنوية الى أفق انتظار المتلقي.
في هذه اللعب التجريبية خطاب إعطاء القوة والأحترام لقدرات خامات العمل الفني، وإحساس باللانهائي واللاتكامل في وحدة النص، قد خرج من حدود إطار مساحة اللوحة، وتكامله خارج سياق النص البصري في ذهنية المتلقي كخاصية جديدة لأعماله في هذه المرحلة من عمله توجه نفسها. هذه السمات والسمات السابقة من التلاشي وفقدان المركزية أوأحادية المركز تعدد البؤري ، توجه أعمال الفنان نحوإتجاه التعبيرية التجريدية وداخل خريطة هذا الاتجاه بالتحديد نحونمط أسلوب الأيحائي، حيث أن سلطة الشكل لاتفقد قدراتها نهائياً لا من قريب ولا من بعيد.
هذه السلطة الشكلية عند صاحب النص، كفنان في الجغرافية الطبيعية الخلابة وحضور ضاغط لخلفية مينياتورية لتأريخ من الرؤيا والتجسيد الفني، كعاملين رئيسيين، لعبا دورهما في خلفية أعمال الفنان. سليمان علي فنان يمثل إمكانية فنية ناضجة من حيث الرؤيا والأنجازات الفنية ويستحق الوقوف عند عطائاته الفنية، وانني متأكد من إستمراريته وديمومته في أعماله وكذلك تطويرها وتقديمها، وأنه سوف ينجز عالماً من الجمال وألأبداع في أسلوب التعبيرية التجريدية الخاصة به.
AZP09

مشاركة