
إسم يوسف الصائغ يتوّج مهرجان أبي تمام
سبع دورات من الشعر وتاريخ يعود إلى 1971
الموصل – هدير الجبوري
ببهاء يليق بمدينة كان للشعر فيها تاريخ وقدر، وللعروض والبيان فيها جذورٌ تمتد حتى أبي تمام نفسه، اختتمت امس الاول في مدينة الموصل فعاليات مهرجان أبي تمام السابع للشعر العربي، دورة الشاعر الكبير يوسف الصائغ بعد تواصلها لثلاثة ايام ،بإشراف الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ووفرع الاتحاد في نينوى، وبدعم من جامعة النور في نينوى.
أقيمت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السبت الماضي على قاعة فندق رمادا بلازا أيمن المدينة وسط حضور ثقافي وجماهيري واسع، ومشاركة عربية لافتة ضمّت شعراء من الجزائر واليمن والسودان، إلى جانب نخبة من شعراء العراق من مختلف المحافظات، ليشكّل المهرجان مساحة عربية خالصة يتجاور فيها الصوت العراقي مع أخوته العرب في محبة الشعر واللغة.
وافتُتِح الحفل بكلمة ترحيبية لعريف المهرجان حسن مجيد مرحّبا بالضيوف في مدينة الموصل وهي تستعيد دورها الثقافي بعد سنوات من المحنة، ثم عُزِف السلام الوطني العراقي الذي وقف له الجميع إجلالًا.
تلت ذلك كلمات رسمية أكدت جميعها أهمية المهرجان في مشهد الثقافة العراقية: ألقى المستشار الثقافي لرئيس مجلس الوزراء عارف الساعدي ، كلمة بدأها بتحية الموصل الحدباء التي “تعلو بأبنائها وتتعافى كما عبّر عنها، ناقلًا تحيات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى جمهور المهرجان وضيوفه.
وخصّ الساعدي جامعة النور بالشكر، مثمناً دعم رئيسها بشار محمود علي ودور الجامعة في تبني الأنشطة والفعاليات الثقافية في مدينة الموصل، مؤكداً أن (هذا الدعم يعزز المشهد الثقافي ويعيد للمدينة موقعها الريادي).
واستدرك قائلاً إن (مهرجان أبي تمام واحد من أهم المهرجانات العربية، وليس العراقية فحسب)، مبيناً أن (ثمة مهرجانات عربية كانت تُعد انطلاقات تأسيسية للثقافة العراقية والعربية، وأن مهرجان أبي تمام يأتي في طليعتها).
وأشار إلى أن (المهرجان انطلق منذ مطلع السبعينيات حاملاً اسم أحد أكبر المجدّدين في الشعر العربي، الشاعر أبو تمام الذي مرّ على هذه البلدة فاستطاب له العيش فيها والكتابة بين ربوعها، ومن هنا اكتسب المهرجان رمزيته التاريخية).وأكد أن (هذه الفعالية رافقت صراعات الحداثة وجدلها في الشعر العربي، فكانت منبرًا اجتمع عليه كبار الشعراء والنقاد، ومنه انطلقت أصوات شعرية كبيرة ترسخت أسماؤها لاحقاً في الذاكرة العربية، وهو ما يعطي للمهرجان قيمته الكبرى في ترسيخ أسماء جادة ومؤثرة في مسيرة الشعر العربي).
حركة ثقافية
واشار رئيس مجلس أمناء جامعة النور بشار محمد علي في كلمته الى دور الجامعة في دعم الحركة الثقافية في مدينة الموصل ..فيما اكد رئيس فرع اتحاد الأدباء في نينوى سعد محمد ، على أن (الموصل عادت بيتاً للشعر ومركزاً عربياً للحداثة واللغة)وقال ان ( أجتماعكم اليوم أستعادة للدور العميق التي كانت الموصل تنهض به عبر تاريخها الطويل فهذه المدينة التي مرت بانواع البلاء كانت تعود كل مرة محمولة على كلمة شاعر وصوت قاص وفكرة مفكر وجمال فنان..واليوم تؤكد استمرارها وان الثقافة كانت وستبقى طريق الموصل الى الحياة).
بعد الكلمات، كانت هناك محطة مؤثرة مع الشاعر عبدالوهاب إسماعيل مستذكراً مشاركته في مهرجان أبي تمام الأول في سبعينيات القرن الماضي..
وبعدها قام بقراءة قصيدة المعلم للشاعر الراحل يوسف الصائغ، بعد أن استحصل موافقة اللجنة التحضيرية للمهرجان خصيصاً لهذا الغرض. وقد أراد إسماعيل أن تكون القراءة استذكاراٍ ووفاءً لأربعة من رموز الحداثة الشعرية في الموصل، هم: _عبد الحليم اللاوند وهاشم الطعان وشاذل طاقة ويوسف الصائغ، الذين اجتمعوا يوماً في مجموعة شعرية حملت عنوان «قصائد غير صالحة للنشر»، تلك المجموعة التي أحدثت حراكاً أدبياً جريئاً ومغايراً في المدينة ما يزال صداه يتردد حتى اليوم في أروقة الثقافة ومحافلها.وأكّد إسماعيل في كلمته أن (الاحتفاء بيوسف الصائغ في هذه الدورة هو استمرار لطوق الوفاء لأولئك الأربعة الذين تركوا بصمتهم في ذاكرة الموصل الثقافية، وأن هذا المهرجان يعيد صدى أصواتهم إلى المنابر، كما يفعل الآن مع أحدهم، الشاعر الراحل يوسف الصائغ).
توالت بعد ذلك القراءات الشعرية التي امتدت على مدى الأمسية، للشعراء :محمد حسين الياسين، علي جعفر العلاق،وليد الصراف ،الشاعر اليمني عبد الواحد عمران، هزبر محمود،مضر الآلوسي،الشاعرة الجزائرية حنين عمر، حمد الدوخي و فارس حرام..أما ختام الأمسية فكان مع صوتٍ عربي جميل جاء من السودان الشقيق، حيث قرأت الشاعرة إبتهال تريتر نصاً ترك أثراً واضحاً في الجمهور.
وواصل المهرجان فعالياته للأيام المخصصة له، حيث اقيمت جلسات نقدية وقراءات شعرية في عدد من مواقع المدينة. و شهد اليوم الأول انعقاد جلسة خاصة في مديرية تربية نينوى – قاعة النشاط المدرسي، حيث قرأ عدد من شعراء الموصل نصوصهم ضمن إطار المهرجان، في خطوة تؤكد انفتاح الفعاليات على مؤسسات المدينة وبيئتها الثقافية.
*ويعدّ مهرجان أبي تمام للشعر العربي من أبرز المهرجانات الثقافية في العراق، ويقام سنويا في مدينة الموصل، وهذه الدورة هي السابعة.
ويشارك في الدورة الحالية أكثر من عشرين شاعراً وشاعرة من دول عربية مختلفة إلى جانب العراق. وتجدر الإشارة إلى أن المهرجان الأول أقيم عام 1971، مستلهمًا اسمه من شاعر العربية الكبير أبي تمام، الذي يعد أحد أهم شعراء العصر العباسي وأئمة البلاغة.
وُلد أبو تمام حبيب بن أوس الطائي عام 190 هـ / 805م في بلدة جاسم من قرى حوران في سوريا، وتوفي في الموصل عام 231هـ / 845م، ليبقى اسمه مرتبطاً بالمدينة التي احتضنت آخر أيامه.















