زقزقة وزئير – طالب سعدون

نبض القلم

زقزقة وزئير – طالب سعدون

هكذا هي الحياة تتوزع بين الاثنين…  بين القوة والضعف والحب والبغضاء  والرقة  والقسوة والحرب والسلام  والنزاهة والفساد  الى اخره من المتناقضات .. وكل مخلوق فيها يتصرف على طبيعته  .. في الخير او الشر.. في الانسانية او نقيضها العدوانية .. والقانون الطبيعي ان يكون الانسان انسانا في كل الظروف والاحوال وبخلافه  يفقد انسانيته .. وعندها  يتحول الى كائن اخر لا يرتبط بالانسانية لانه فقد صفة الانسان .

والحيوانات كما هي النباتات شركاؤنا في الحياة  .. نتعلم  منها دروسا  كثيرة  كما يتعلمها الانسان  من إنسان آخر نظيره في الخلق ..

امثلة كثيرة  على هذه الدروس .. من العصفور مثلا نتعلم كيف نواجه الحياة دون ان نتخلى عن طبيعتنا مهما اشتدت الظروف  قساوة  .. فالعصفور  لن يتوقف عن التغريد مهما كانت الحياة صعبة والاجواء متغيرة في فصولها الاربعة ما بين حر وبرد وامطار ورياح عاتية .. كذلك الانسان ينبغي الا يتحول عن طبيعـته الانسانية في كل الظروف والاحوال ..

والعصفور يعلم أطفاله معنى الحُب  للروح وقيمة ( الحَب )  للحياة معا ، فيخرجون الى الوجود ينشدون للحياة ، ويعلمون الاخرين معنى أن تسمو الروح باللحن الجميل ، والتواصل مع الأخر بلغة واحدة ، مشتركة يفهمها الجميع .. وهو درس اخر للانسان .

والطيور تعلمنا درسا مهما في  التعايش  على الارض في ود  وسلام وتعاون .

 فكما هي السماء  تسع كل هذه الأسراب  من الطيور كذلك الارض التي  يعيش  عليها  الانسان يمكن أن تسع كل هذا الخلق بالحب أيضا ويعيش الجميع بسعادة ورخاء شرط أن  يسود مبدأ قبول الاخر وتفاعل الجميع من اجل مصلحة الجميع وان ينتفي الاستغلال والجشع والفساد  ورفض مبدأ القوة الغاشمة .

والغابة ، وما فيها من مخلوقات  مختلفة تتفاوت  في القوة ، وانفراد قوة واحدة فيها (الاسد)  تعطينا درسا في تجنب سلوك الهمجية  ، والفوضى ، والعنصرية ، والعنف المفرط والقتل ،  والدمار ، وما الى ذلك من تصرفات  يقوم بها البعض  ومنها  رفض التعايش مع الاخر أو محاولة اقصائه  ، أو السيطرة والتفرد ، وتشكل بمجموعها شريعة غريبة يطلق عليها شريعة  الغاب … وفيها  تعم الفوضى ،  والعنف ، والقوة المفرطة ويصبح كل فرد يتصرف على هواه وما يحلو له ويتفق مع مصالحه على حساب الاخر الملتزم وعندها يغيب  القانون  الصحيح ويحل محله قانون القوة .. ولا مكان فيه للضعيف.

 وفي هذا الاسم مسرحية لأمير الشعراء  أحمد شوقي يعرض فيها مجموعة من الحيوانات المفترسة والضعيفة والماكرة ، وفيها يتحمل الحمار كل الذنوب والخطايا ، وأشد انواع العقاب وهو لم يرتكب جرما ، سوى أنه أضعف الحيوانات في الغابة ، فيما تعد أعمال الحيوانات القوية وخطاياها وذنوبها ، وجرائمها أعمالا غير مرفوضة ، وتعد في (عرف) البعض شريفة ونبيلة ما دامت بيدها القوة .

وهذا درس  مهم  يوضح الفرق بين القوة المبصرة الواعية  و القوة الغاشمة ..

وذلك هو الفرق بين العصفور الوديع الجميل ، والحيوان المفترس .. كما هو الفرق بين الانسان اللطيف المسالم والاخر العدواني الشرس.

هذه المخلوقات  ومن بينها الانسان تعطي درسا  وهو  ضرورة ان يسود مبدأ   التعايش ، ونبذ العنف والتطرف والقوة الغاشمة والعدوان على الاخر  ، وضرورة أن يطبق القانون العام على الجميع ايضا لكي يضمنوا لهم حياة سعيدة قائمة  على العدل والمساواة.. وأن نتذكر دائما ، و نحن في أحلك الظروف  واشدها قساوة ، أن الحياة حلوة ، ولو لم تكن كذلك لما خلقها الله ، وأن نستغل كل شيء جميل فيها بطريق مشروع ، وان نحترم  حق الاخر في الحياة أيضا … لانها هبة الله للجميع ..

وشتان بين الإثنين ..

بين زقزفة العصفور الذي يبعث الطمانينة والأمان ، وزئير الأسد الذي يثير القلق والخوف والتوجس مما لا يحمد عقباه.. .

                              { { { {

كلام مفيد :

اين يتواجد الحب تتواجد الحياة ( المهاتما غاندي ).

مشاركة